وقول أبي بكر، وعبد الله بن مسعود «2»، في بعض اجتهاداتهما، حيث سئل أبو بكر عن الكلالة، وابن مسعود معن المرأة المفوضة في مهرها، فقال كل واحد منهما حين سئل: «أقول فيها برأي فان كان صوابا فمن الله، وإن كان خطا فمني ومن الشيطان». فهذا القول يقضي بذلك، أى بالتصريح بالعدل وانكار الجبر. وتعزير عمر لمن ادعى أن سرقته كانت بقضاء الله، مصرح بنفي الجبر، لأنه أتى بسارق فقال: «لم سرقت؟» فقال: «قضى الله علي»، فأمر به، فقطعت يده، وضرب أسواطا، فقيل له في ذلك فقال: «القطع للسرقة، والجلد لما كذب على الله».
ولما قال محاصرو عثمان حين رموه: «الله يرميك»، قال: «كذبتم لو رماني ما أخطأنى»، وهذا أيضا يقتضي إنكار الجبر. وقول عبد الله بن عمر حين قال له بعض الناس: يا أبا عبد الرحمن ان أقواما يزنون ويشربون الخمر، ويسرقون ويقتلون النفس ويقولون: كان فى علم الله،؟؟؟ نجد بدا منه، فغضب ثم قال:
«سبحان الله العظيم، قد كان ذلك فى علمه أنهم يفعلونها، ولم يحملهم علم الله على فعلها. حدثني (أبي) عمر بن الخطاب أنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«مثل علم الله فيكم كمثل السماء التي أظلتكم، والأرض التي أقلتكم، فكما لا تستطيعون الخروج من السماء والأرض، كذلك لا تستطيعون الخروج من علم الله، كما لا تحملكم السماء مو الأرض على الذنوب، كذلك لا يحملكم علم الله علما. ثم قال ابن عمر «1»: «لعبد يعمل المعصية ثم يقر بذنب على نفسه أحب الى من عبد يصوم النهار، ويقوم الليل، ويقول: إن الله تعالى يفعل الخطيئة فيه» فهذا الخبر مصرح أيضا بإنكار القول بالجبر.
صفحة ١٩