اعجاز القرآن
طريق معرفة القرآن:
يقول القاضي عبد الجبار «1»: إنه بالنقل المتواتر يعرف القرآن، كما تعرف نفس النبي، صلى الله عليه وسلم، بهذه الطريقة، وقد بينا أن ما حل هذا المحل، لا تقع فيه مناظرة، وأن الواجب فيه التصادق، ولأن العلم به مشترك، ولا مزية لواحد من المكلفين على الآخر، كما لا مزية لأحدهم على الآخر، في معرفة المشاهدات الدالة على التوحيد. ويقول القاضي: «وإذا قال معترض، كيف يصح ما ادعيتم في القرآن، وفي الإمامية، من قد يجوز فيه التغيير والتبديل، وأثبت فيه النقصان، وزعم أنه فى الأمة، من غيره وبدله، وحذف عنه الزيادات، الدالة بزعمهم، على الأئمة وأحوالهم، إلى غير ذلك، فما تقولون؟ وأما طريق الضرورة لا يصح فيه هذا الضرب من المخالفة والمنازعة، ولذلك لم يختلفوا في أن محمدا، صلى الله عليه وسلم، كان في الدنيا، وأنه المختص بصفاته، لما كان طريقة الاضطرار».
ويرد القاضي قائلا «وبعد ... فقد علمتم أن كثيرا من الحشو وأهل الحديث، يزعم في القرآن أنه متلقى في أخبار الآحاد، وأن عثمان بن عفان جمعه،- بعد ما كان متفرقا في الصدور والقلوب- وعمر بن الخطاب، كان يجمعان من ذلك الآية والآيتين، حتى دوناه في المصحف، وضماه بعد الانتشار، والفاه ... فكيف يصح ما ادعيتم، وقد وقع الاختلاف، بين الصحابة، حتى جرى على «عبد الله بن مسعود» ما جرى، وحتى وقع الخلاف، في المعوذتين ، وفي سورتي القنوت، وفي آية الرجم، وفي غير ذلك من الحروف التي تميزت بها المصاحف، والضرورى لا يصح فيه هذا الاختلاف، لأنه إن كان نقله في الظهور والانتشار، والعلم به بالصفة التي ذكرتموها، فهل الخلاف فيه، إلا كالخلاف في سائر المعارف الضرورية.
صفحة ١٢١