رسالة الشرك ومظاهره
محقق
أبي عبد الرحمن محمود
الناشر
دار الراية للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٢هـ
سنة النشر
٢٠٠١م
تصانيف
الكريم ﷺ.
فهذه شواهد واقعية على أننا لا نحكم على معين بالشرك، وغرضنا من الخوض في حديث الشرك تحذير المسلمين منه لا الحكم عليهم به تعيينًا.
• تحكّم المشاغبين:
والذين يشنعون علينا إن خضنا في هذا الحديث لا ينكرون على من يعلم الناس " أم البراهين " (*) وأمثالها من كتب المتكلمين، ولا على من يعلم أحكام الردة من " المختصر " وغيره؛ فهم في هذه التفرقة مغرضون متحكمون؛ فإن من يعلم العقائد الصحيحة ومن يبين الزائغة منها سواء في خدمة الحق، متظاهرون على النصح:
فَفِي " الصَّحِيحَيْن " عَنْ حُذَيْفَة بن الْيَمان ﵁؛ أنه قال:
• حديث حذيفة:
«كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ ; مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ "، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: " قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ "، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: " نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا "، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: " هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا "، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: " تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ "، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: " فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ،
_________
(*) من عقائد متأخري الأشعرية [ناشر ط٣]
1 / 54