الجنس جنسا عاليا أو متوسطا أو سافلا ، وسواء كان النوع نوعا عاليا أو سافلا أو متوسطا ، وسواء كان الفصل قريبا أم بعيدا ، وسواء كانت الصورة صورة البسائط أو صورة المركبات أو نفسا.
غير أن هذه الاعتبارات الخمسة ، لا يمكن فرضها في الهيولى الاولى بالنسبة إلى الصورة الجسمية ، فإنه في هذه الصورة ، وإن امكن اعتبار كون الهيولى الاولى مادة ، والصورة الجسمية صورة ، لكنه لا يمكن اعتبار كون تلك المادة جنسا ، وتلك الصورة فصلا ، والمجموع نوعا ، لأن المعتبر في الجنس أن يكون له أولا طبيعة محصلة في الجملة ، ثم ينتظر له تحصل آخر يكون هو بالفصل ، والهيولى الاولى ليس لها تحصل أصلا ، بل هي بالقوة المحضة ، فلا يمكن اعتبارها جنسا ، وإذا لم يمكن ذلك ، فلم يمكن اعتبار الصورة الجسمية فصلا أيضا ، ولا اعتبار المجموع نوعا.
فعلى هذا ، فما ذكره القوم : من أن الطبيعة الجسمية طبيعة نوعية ، لعلهم كما يدل عليه كلامهم في ذلك المقام لم يريدوا به أنها نوع كسائر الأنواع ، بل أرادوا به أنها طبيعة واحدة محصلة متفقة في الحقيقة ، كالطبيعة النوعية.
وغير أن هذه الاعتبارات لا يمكن فرضها في النوع الأخير ، كالإنسان بالنسبة إلى الأعراض الحالة فيه ، مشخصة كانت أم غير مشخصة ، فإنه ليس الإنسان بالنسبة إليها مادة بالمعنى الأخص ، بل موضوعا ؛ ولا تلك الأعراض صورة بمعنى الصورة التي يكون تحصل المحل وتقومه بها ، بل عرضا يتقوم بالمحل. وكذلك لا يمكن أن يكون الإنسان جنسا ، حيث إن المعتبر في الجنس كونه طبيعة تامة من وجه ، ناقصة من وجه آخر ، مبهمة يبقى لها تحصل منتظر وتمامية بحسب الإشارة العقلية ، يكون ذلك الجنس وتلك التمامية بالفصل ، وهو ليس كذلك ؛ فإنه حيث فرض نوعا أخيرا ، كان تاما متحصلا لم يبق له تحصل منتظر بحسب الإشارة العقلية ، حتى يكون تحصل ذلك بالفصل ، بل إنما بقى تماميته بحسب الوجود الشخصي والإشارة الحسية ، وتكون تلك التمامية بالعوارض المشخصة ، وهذا لا يكون منشأ لإبهامه ، ومنافيا لتحصله العقلي. وإذ لم يمكن
صفحة ٥٠