343

تقولوا : إن الحياة نفسها هي هذا الكمال ، فيكون الحياة هي المعنى الذي يصدر عنه ما تنسبون صدوره إلى النفس من ذلك؟ (1)

فلنشرع في جواب واحد واحد من ذلك وحله.

فنقول : أما الأجسام السماوية فإن فيها مذهبين :

مذهب من يرى أن كل كوكب يجتمع منه ومن عدة كرات قد دبرت بحركته جملة جسم كحيوان واحد ، فيكون حينئذ كل واحد من الكرات يتم فعله (2) بعدة أجزاء ذوات حركات ، فيكون هي كمالات (3)، وهذا القول لا يستمر في كل الكرات.

ومذهب من يرى أن كل كرة فلها في نفسها حياة مفردة ، وخصوصا ، ويرى جسما تاسعا ، ذلك الجسم واحد بالفعل لا كثرة فيه ، فهؤلاء يجب أن يروا أن اسم النفس إذا وقع على النفس الفلكية وعلى النفس النباتية ، فإنها تقع (4) بالاشتراك ، أن (5) هذا الحد إنما هو للنفس الموجودة للمركبات ، وأنه اذا احتيل حتى يشترك (6) الحيوانات والفلك في معنى اسم النفس ، خرج معنى النباتات من تلك الجملة. على أن هذه الحيلة صعبة ، وذلك لأن الحيوانات والفلك لا تشترك في معنى اسم الحياة ، ولا في معنى اسم النطق أيضا ؛ لأن النطق الذي هاهنا يقع على وجود نفس لها العقلان الهيولانيان ، وليس هذا مما يصح هناك على ما يرى. فإن العقل هناك عقل بالفعل ، والعقل بالفعل غير مقوم للنفس الكائنة جزء حد للناطق ، وكذلك الحس فيها (7) يقع على القوة التي بها يدرك (8) المحسوسات على سبيل قبول أمثلتها والانفعال منها ، وليس هذا أيضا مما يصح هناك على ما يرى.

ثم إن اجتهد فجعل النفس كمالا أولا لما هو متحرك بالإرادة ومدرك من الأجسام ، حتى تدخل فيه الحيوانات والنفس الفلكية ، خرج النبات من تلك الجملة ؛ وهذا هو القول المحصل. وأما أمر الحياة والنفس فمثل (9) الشك في ذلك على ما نقول : إنه قد صح أن الأجسام يجب أن يكون فيها مبدأ الأحوال (10) المعلومة المنسوبة إلى الحياة بالفعل ، فإن من

صفحة ١٥