وإما من مجموع الوصفين ، فهذا أيضا باطل ، لأنا نعلم بالضرورة أن لا أثر لاجتماعهما في هذا الامتناع. وحيث بطلت الاحتمالات الثلاثة ثبت أن ذات الممكن الموصوفة بالعدم المسبوق بالوجود لا يمتنع اتصافها بالوجود أي بالعود وهو المطلوب.
وهذا الذي ذكرنا هو محصل كلامه فيما رامه من تتميم الدليل.
ولا يخفى عليك أن ما ذكره في إبطال أن يكون المسبوقية بالعدم منشأ للامتناع المذكور في كلا التلخيصين دليل واحد ، وإن كان مختلفا بحسب العبارة ، حيث إن لزوم عدم اتصاف ماهية بالحدوث كما ذكره في الأول ولزوم عدم خروج ماهية من العدم إلى الوجود معناهما واحد.
وأما ما ذكره في إبطال أن يكون المسبوقية بالوجود منشأ للامتناع المذكور ، فهو في التلخيص الثاني أمر آخر غير ما ذكره في التلخيص الأول ، حيث إنه في الأول لزوم عدم اتصاف ماهية بالبقاء ، وفي الثاني هو الدليل الأخير المبني على شقي الترديد ، بل هو الجواب الذي ذكره القائلون بجواز عود المعدوم عما أورده عليهم القائلون بامتناعه ، حيث إنك قد عرفت مما نقلنا من كلام الفاضل الأحساوي فيما سلف أنه نقل عن القائلين بجوازه دليلا عليه ، مفاده : أنه لو استحال عود المعدوم للزم انقلابه من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي إلى آخر ما نقله عنهم ومآله هو الدليل الذي نقله الشارح عنهم ، وجعل كلام المصنف إشارة إلى الجواب عنه. ثم نقل عن القائلين بامتناعه إيرادا عليه وجوابا عنه ، مفاده أن العود أي الوجود الثاني مقيد بكونه بعد الوجود الأول متخللا بينهما عدم ، والممتنع هو هذا المقيد والوجود الأول خال عن هذا القيد ، لأنه وجود أول بعد عدم أول ، فيكون مطلقا بالنسبة إلى هذا الوجود ، وتحقق الامتناع في المقيد لا يستلزم تحققه في المطلق ، لما بينهما من المغايرة الذاتية إلى آخر ما نقله عنهم ثم نقل عن القائلين بجوازه جوابا عن هذا الإيراد ، وهو ما ذكره الشارح أخيرا دليلا على أنه لا يمكن أن يكون المسبوقية بالوجود منشأ للامتناع المذكور.
وحينئذ نقول : لا سترة في أن ما ذكره الشارح أولا لإبطال أن يكون المسبوقية بالوجود إذا اعتبرت قيدا للمحمول منشأ لهذا الامتناع ، أي لزوم عدم اتصاف ماهية بالبقاء ، لو تم لجرى في إبطال ذلك لو اعتبرت قيدا للموضوع أيضا كما في التلخيص الثاني ، وأن ما ذكره
صفحة ٣٦٦