172

المخصوصة لكونها علة معدة لذلك ، والعلة المعدة يجوز ، بل يجب زوالها عند حدوث معلولها.

وأيضا من المعلوم أن الصورة الأخلاطية تزول عند حصول الصورة الإنسانية ، أي الصورة المنوية التي هي أول مراتبها ، وحصل الارتباط بين النفس والبدن ذلك الارتباط ، فكان ذلك الاستعداد منسوبا أولا وبالذات إلى حدوث تلك الصورة ، وثانيا وبالعرض إلى حدوث النفس ، وزال بذلك الحدوث ، أي حدوث الصورة والنفس ذلك الإمكان والتهيؤ عن البدن ، إذ زال عنه ما كان علة ماهية معدة له ، أي الصورة الأخلاطية التي علة معدة لاستعداد البدن لإمكان حدوث النفس ، بل لحدوثها وحدوث تلك الصورة الإنسانية جميعا.

وأيضا ليس المراد بالإمكان هنا الإمكان الذاتي ، الذي تبقى مع حدوث الحادث ، بل الإمكان الاستعدادي الذي هو عبارة عن كون الشيء بالقوة القريبة إلى الفعل ، وهذه القوة لا تجتمع مع فعلية ذلك الشيء الحادث ، بل تزول فيزول بسببها ذلك الإمكان والتهيؤ عن البدن.

وقوله : «فبقي البدن محلا لإمكان فساد الصورة المقارنة به ، وزوال ذلك الارتباط عنه ، وامتنع أن يكون محلا لفساد ذلك المبدأ من حيث هو ذات مباين عنه».

كأنه أراد أن يبين به أن البدن وإن كان لأجل كونه محلا بالذات لإمكان حدوث تلك الصورة النوعية فيه محلا بالعرض لإمكان حدوث نفس هي مبدأ قريب لتلك الصورة متعلقة بالبدن ، لكنه لأجل كونه محلا بالذات لإمكان فساد تلك الصورة عنه ، لا يمكن أن يكون محلا مطلقا ولو بالعرض لإمكان فساد ذات ذلك المبدأ القريب ، أي النفس ، بل إنما يمكن أن يكون محلا لزوال ارتباط النفس به ذلك الارتباط عنه ، وزوال ذلك الارتباط بزوال البدن ، لا يستلزم زوال ذات النفس المرتبط بالبدن كما مر وجهه ، بل لا يمكن ذلك ، حيث إن زوال الارتباط بزوال المرتبط به كالبدن هنا إنما يمكن أن يستلزم زوال المرتبط كالنفس هنا ، إذا كان المرتبط متعلق القوام بالمرتبط به ، وإذ ليس فليس.

فليس البدن حاملا لإمكان فساد النفس مطلقا ، ولا فساده مستلزما لفسادها. وهذا هو حاصل مقصوده ، حيث قال : «فبقي البدن محلا لإمكان فساد الصورة إلى آخره » ، أي

صفحة ٢٢١