لعبادة الملك العلام، كانوا كالأنعام أو أضل سبيلا، وقد رفع الله عنهم الشقاق، وحصل بينهم الاتفاق، وفرقوا بين الحلال والحرام، وتوجهوا لأوامر الملك العلام.
ويؤيد ذلك ما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: اللهم بارك لنا في شآمنا، الله بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا، فقال:
اللهم بارك لنا في شامنا، وفي يمننا، ثم قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: هناك موضوع الزلازل والفتن، وبها (مطلع) قرن الشيطان، رواه البخاري (1). وإلحاق غير أهل (نجد) بهم من قياس الشاهد على الغائب.
وكيف يخفى على فحول العلماء، وأساطين الفقهاء الذين أقاموا الجمعات والجماعات، وأقاموا الأحكام، وأوضحوا الشبهات، وأمعنوا نظرهم في فهم الآيات والروايات، أن الذبح لا يكون إلا لجبار السماوات؟ مع أن ذلك تلقاه عن الأكابر الأصاغر، وعن الأوائل الأواخر. فلم يزل أهل الإسلام من قديم الأيام يذبحون للأنبياء والأوصياء والعباد الصالحين، ويهدون الثواب إليهم طلبا لمرضاة رب العالمين.
واختيارهم للأماكن الشريفة، كحرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحوه، لما ورد من أن الأعمال يتضاعف أجرها لشرف الزمان والمكان، كشرف الكوفة.
روى الأصبغ بن نباتة (2) عن أمير المؤمنين عليه السلام أن الخضر قال له: إنك في مدينة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله.
وروي أن البركة فيها على اثني عشر ميلا من سائر جوانبها.
وإن المسلمين كافة يتبرؤون ممن يدعو غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو يذبح وينحر لغير الله، أو يحلف بغير الله، على النحو الذي وقع في نظركم أنهم يقصدونه ويتعمدونه، ومعاذ الله أن يكونوا كذلك.
والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لو علمت منهم ذلك، لكفرتهم، وهاجرت عنهم، معتقدا وجوب ذلك علي، لكن وحق من اشتق من ظلمة العدم نور الوجود، ما وجدت ذلك منهم، ولا صدر ذلك عنهم، ولا بأس عليكم فربما افترى الحاضرون لديكم تقربا بذلك إليكم، فأقتصر على حدودك التي أنت فيها، فأن النفس إذا قنعت، قليل من الدنيا يكفيها.
صفحة ٥٤٦