المنهج القويم في اختصار «اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية»

محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن يعلى، أبو عبد الله، بدر الدين البعلي (المتوفى: 778هـ) ت. 778 هجري
50

المنهج القويم في اختصار «اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية»

محقق

علي بن محمد العمران

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

وأيضًا: فقد قال: "إنَّ مَنْ كان قَبْلَكُم كانوا يتَّخذونَ قبورَ أنبيائهم مَساجِدَ، ألا فلا تتَّخذوا القبورَ مَسَاجِدَ إنِّي أَنْهاكُم عَنْ ذلك" (^١) . فعقَّب قولَه عن الذين قبلنا بقوله: "ألا فلا" بالفاء التي تُشْعِر بأن سببَ نَهْينا عن ذلك لأجل أنهم فعلوه، وذلك يقتضي أن أعمالهم دلالة وعلامة على أنَّ الله ينهى عنها، وأنها عِلَّةٌ مقتضيةٌ للنهي، ونَهْيه عن اتخاذ القبور مساجد مع لعنته لليهود والنصارى کثيرٌ متواتر، حتى عند خروج نفسِهِ الكريمة -بأبي هو وأمي- يوصي بذلك (^٢) . وإن كان قد ابتلي كثيرٌ من هذه الأمَّة ببناءِ المساجد على القبور، وكِلا الأمرين محرَّم ملعونٌ فاعِله بالسنةِ المستفيضةِ. وقد صحَّ عنه أنه قال: "كلُّ شيءٍ منْ أَمْر الجاهليةِ تَحْتَ قدمي مَوْضُوع" (^٣) . وهو عامٌّ يدخل فيه ما كانوا عليه من العبادات والعادات، مثل دعواهم: يا فلان ويا فلان (^٤)، ومثل أعيادهم، وغير ذلك من أَمورهم. ولا يدخل في ذلك ما كانوا عليه وأقَرَّه الله في الإسلام؛ کالمناسك، ودية المقتول، والقَسَامَة، ونحوه؛ لأن أمر الجاهلية معناه المفهوم منه: ما كانوا عليه مما لم يُقِرَّه الإسلام، فيدخل في ذلك ما كانوا عليه وإن لم يُنه في الإسلام عنه بعينه.

(^١) أخرجه مسلم رقم (٥٣٢) من حديث جندب البجلي ﵁. (^٢) أخرجه البخاري رقم (٤٣٥) ومسلم رقم (٥٣١) من حديث عائشة وابن عباس ﵄. (^٣) في الحديث الطويل المشهور في حجة الوداع -يوم عرفة- أخرجه مسلم رقم (١٢١٨) من حديث جابر ﵁. (^٤) في "الاقتضاء": "يالفلان يالفلان".

1 / 54