المنهج القويم في اختصار «اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية»

محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن يعلى، أبو عبد الله، بدر الدين البعلي (المتوفى: 778هـ) ت. 778 هجري
16

المنهج القويم في اختصار «اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية»

محقق

علي بن محمد العمران

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

وقال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ﴾ [المجادلة: ١٤]، وهم المنافقون الذين تولَّوا يهود، باتفاق أهل التفسير، وسياق الآية يدل عليه. وقال: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١١٢]، وفي [البقرة] (^١): ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾، فهذا بيان أن اليهود مغضوبٌ عليهم. وقال في النصارى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ إلى قوله: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٧٧)﴾ [المائدة: ٧٣ - ٧٧]، فهذا خطابٌ للنصارى كما دلَّ عليه السِّياق، ولهذا نهاهم عن الغلو، وهو مجاوزة [الحد] (^٢)، كما نهاهم عنه في قوله: ﴿لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ﴾ الآية [النساء: ١٧١]. ووَصْفُ اليهودِ بالغضب، والنصارى بالضلال له أسبابٌ ظاهرة وباطنة، ليس هذا موضِعها، وجماعٌ ذلك: أن اليهود كفروا عنادًا؛ لأنهم يعلمون الحقَّ ولا يُتْبِعونه عملًا، والنصارى كُفْرهم من جهةِ عملهم بلا علم، بل هم مجتهدون في أصناف العبادات بلا شِرعةٍ (^٣) من الله، ويقولون على الله ما لا يعلمون.

(^١) وقع في جميع مخطوطات الاقتضاء، وفي "الأصل": "آل عمران" وهو سهو؛ إذ الآية قبلها في آل عمران، وهذه في البقرة آية: ٩٠. (^٢) في "الأصل": "الحق"، وهو سهو. (^٣) "الاقتضاء": "شريعة".

1 / 20