قال شيخ الإسلام الشوكاني في شرحه على (الأزهار): ظاهر التقييد بقوله عز وجل : {إلا الذين تابوا ..}[المائدة:34] الآية، أنه قيد لحد المحاربة كما يشعر به السياق فلا يجوز للإمام والسلطان وغيرهم أن يقيموا حد المحاربة على محارب تاب قبل القدرة عليه، وأما سائر الحدود فلا دليل على أنها تسقط بالتوبة ولا بالوصول إلى الإمام قبل القدرة، بل هي باقية على أصلها لا تسقط لا بمسقط، وإذا كان هذا في الحدود فكيف في الأموال التي في ذمة المحارب، إلا ما كان متعلقا بما تاب عنه من المحاربة، فإن ما سفكه فيها من الدماء وأتلفه من الأموال ظاهر التقييد أنه يسقط، لأنه قد تاب من قبل أن يقدر عليه، واستحق عدم المؤاخذة بحد المحاربة، ولا بما يتعلق به.
وأما إذا ووإذا كان المحارب كافرا فهو وإن كان يجرى عليه هذا الحد كما يجري على المسلمين، لكن إذا تاب من المحاربة مع البقاء على كفره فهي توبة مقبولة داخلة تحت عموم الآية، وأما إذا أسلم فالإسلام يجب ما قبله. انتهى.
أجاب الأولون: بأن الساقط بالتوبة حد المحاربة، لمنطوق ما في الخبر بقوله: ((ولم يحدوا)) أي حدود المحاربة لأنها صادقة بنفس إخافة السبيل، وهي أنه إذا أخذ ولم يأخذ مالا ولا قتل مسلما حبس حتى يموت، وذلك نفيهم من الأرض، وكل على مذهبه في النفي، فإن تاب من قبل أن يقدر عليه، وقد أخذ المال وقتل أو أحدهما سقط عنه حدود المحاربة، لما أوقع من الجريمة وقت المحاربة لو أخذ قبل أن يتوب.
صفحة ١٧٦