قال الشنقيطي: (وكون الإمام مخيرًا بينهما مطلقًا من غير تفصيل هو مذهب مالك) (^١)، وهو قول مجاهد، وعطاء، والضحاك (^٢)، واستحسنه النحاس (^٣)، واستظهره القرطبي (^٤).
وحجتهم: أن حرف [أو] المذكور في آية المحاربة يفيد التخيير؛ لأن استعماله في القرآن في كل ما أوجب فرضًا بمعنى التخيير، كقوله تعالى في كفارة اليمين: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المائدة:٨٩].
وسبب الخلاف: هل حرف [أو] للتخيير، أو للتفصيل على حسب جناياتهم؟ (^٥).
والقول الراجح: أن عقوباتهم ترتب وتفصل على قدر جناياتهم؛ وذلك لأمور منها:
١ - أن اختلاف العقوبات توجب اختلاف أسبابها، ومن قال بالتخيير سوى بينها.
٢ - أن القول بالتخيير يفضي إلى أن يعاقب من قل جرمه بأغلظ العقوبات ومن كثر جرمه بأخف العقوبات، والترتيب يمنع من هذا التناقض.
٣ - أنه بدأ بالأغلظ فالأخف، وعرف القرآن فيما أريد به التخيير البداية بالأخف، ككفارة اليمين، وما أريد به الترتيب بدئ فيه بالأغلظ، ككفارة الظهار والقتل.
٤ - أن النبي ﷺ قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك
(^١) ينظر: أضواء البيان ١/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(^٢) ينظر: جامع البيان ٨/ ٣٧٨ وما بعدها.
(^٣) معاني القرآن ٢/ ٣٠٠.
(^٤) الجامع لأحكام القرآن ٦/ ١٥٢.
(^٥) بداية المجتهد ص ٧٦٤.
1 / 221