[41] فإن كانت الجليدية تدرك المبصرات من الصور التي ترد إليها، وكانت إنما تدرك الصور من سموت هذه الخطوط، وكانت هذه الخطوط ليست أعمدة على سطحها، فهي تدرك الصور إذا من سموت أوضاعها من سطحها أوضاع مختلفة ومائلة على سطحها. وإذا كانت تدرك الصور من سموت مختلفة الأوضاع مائلة فهي تدرك جميع الصور المنعطفة، وتدركها من السموت المختلفة الأوضاع عند سطحها. ولو كانت تدرك الصور المنعطفة من السموت المختلفة الأوضاع لم يتميز لها شي ء من المبصرات كما تبين فيما تقدم. وإذا كان ليس يصح أن تدرك الصور المنعطفة من السموت المختلفة الأوضاع فليس يصح أن تدرك صور المبصرات من سموت الخطوط التي هي أعمدة على سطح البصر إلا إذا كانت هذه الخطوط أعمدة على سطحها وكانت أوضاعها من سطحها متشابهة. وليس تكون هذه الخطوط أعمدة على سطحها إلا إذا كان مركز سطحها ومركز سطح البصر نقطة واحدة مشتركة. وليس يدرك البصر شيئا من صور المبصرات إلا من سموت الخطوط المستقيمة التي تلتقي أطرافها عند هذا المركز فقط.
[42] وليس يمتنع أن يكون المركزان واحدا، لأنه قد تبين أن المركزين جميعا من وراء مركز العنبية وعلى الخط المستقيم الذي يمر بجميع المراكز. فإذا كان ليس يمتنع أن يكون المركزان واحدا، وأن تكون الخطوط المستقيمة التي تخرج من المراكز أعمدة على السطحين جميعا، أعني سطح الجليدية وسطح البصر، فليس يمتنع أن يكون إدراك البصر للمبصرات من الصور التي ترد إليه من صور الألوان والأضواء التي في سطوح المبصرات إذا كان إدراكه لهذه الصور من سموت الأعمدة فقط. وذلك بأن تكون طبيعة البصر قابلة لما يرد إليها من ضوء المبصرات، وأن تكون طبيعة البصر مع ذلك متخصصة بأن لا تقبل ما يرد عليها من الصور إلا من سموت مخصوصة، لا من جميع السموت، وهي سموت الخطوط المستقيمة التي تلتقي أطرافها عند مركز البصر فقط، لتخصص هذه الخطوط بكونها أقطارا له وبكونها أعمدة على سطح الجسم الحاس، فيكون الإحساس من الصور الواردة من المبصرات، وتكون هذه الخطوط كالآلة للبصر بها تتميز له المبصرات وبها تترتب أجزاء كل واحد من المبصرات.
صفحة ١٥٢