235

كتاب المناظر

تصانيف

[172] فأما التفرق الذي بين المبصرات فإن البصر يدركه من تفرق صورتي الجسمين المبصرين المفترقين اللتين تحصلان في البصر. إلا أن كل جسمين مفترقين فإن التفرق الذي بينهما إما أن يظهر منه ضوء أو جسم متلون مضيء أو يكون موضع التفرق مظلما لا يظهر ما وراءه. وإذا أدرك البصر جسمين متفرقين وحصلت صورتاهما في البصر فإن صورة الضوء الذي يظهر من التفرق أوصورة لون الجسم المتلون الذي يظهر من التفريق أوصورة الظلمة التي تكون في موضع التفريق تحصل في الجزء من البصر الذي فيما بين صورتي الجسمين المتفرقين اللتين تحصلان في البصر. والضوء واللون أو الظلمة قد يحتمل أن تكون في جسم متوسط بين الجسمين متصل بكل واحد من الجسمين. فإن لم يحس البصر أن الضوء أو اللون أو الظلمة التي في موضع التفرق ليس هو في جسم متصل بالجسمين اللذين عن جنبتيه فليس يحس بتفريق الجسمين. وأيضا فإن سطح كل واحد من الجسمين المتفرقين منعطف إلى جهة التباعد في موضع التفرق، فربما كان انعطاف سطحي الجسمين أو سطح أحد الجسمين ظاهرا للبصر وربما لم يظهر للبصر. وإذا ظهر انعطاف سطحي الجسمين أو سطح أحد الجسمين للبصر أحس البصر من ذلك بتفرق الجسمين . فالبصر يدرك تفرق الأجسام من إدراكه لأحد المعاني التي ذكرناها: إما من إدراكه الضوء من موضع التفرق مع إحساسه بأن ذلك الضوء من وراء سطحي الجسمين المتفرقين، أومن إدراكه جسما متلونا في موضع التفرق مع إحساسه بأن ذلك الجسم غير كل واحد من الجسمين المتفرقين، أو من إدراكه ظلمة موضع التفريق مع إدراك القوة المميزة أن ذلك هو ظلمة وليس هو جسما متصلا بالجسمين، أو من إدراكه لانعطاف كل واحد من سطحي الجسمين في موضع التفرق أو انعطاف سطح أحد الجسمين. فجميع ما يدركه البصر من تفرق الأجسام إنما يدركه بالاستدلال من أحد هذه المعاني أو من أكثر من واحد منها.

صفحة ٢٩٦