المنار المنيف في الصحيح والضعيف
محقق
عبد الفتاح أبو غدة
الناشر
مكتبة المطبوعات الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٩٠هـ/١٩٧٠م
مكان النشر
حلب
وَإِنَّهُ كَانَ وَزِيرَ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَإِنَّ تِلْكَ الْخِلْقَةَ لَيْسَتْ عَلَى خِلْقَتِنَا بْلُ مُفْرِطٌ فِي الطول والعرض.
١٣٤- في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ طُولُهُ سُتُونَ ذِرَاعًا فَلَمْ يَزَلُ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ" وَمَا ذَكَرَ أَحَدٌ مِمَّنْ رَأَى الْخَضِرَ أَنَّهُ رَآهُ عَلَى خِلْقَةٍ عَظِيمَةٍ وَهُوَ مِنْ أَقْدَمِ النَّاسِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخَضِرُ قَبْلَ نُوحٍ لَرَكِبَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ وَلَمْ يَنْقِلْ هَذَا أَحَدٌ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ نُوحًا لَمَّا نَزَلَ مِنَ السَّفِينَةِ مَاتَ مَنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ مَاتَ نَسْلُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ نَسْلِ نُوحٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُوحٍ.
وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا أَنَّ بَشَرًا مِنْ بَنِي آدَمَ يَعِيشُ مِنْ حِينَ يُولَدُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَمَوْلِدُهُ قَبْلَ نُوحٍ لَكَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمَ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبِ وَكَانَ خَبَرُهُ فِي الْقُرْآنِ مَذْكُورًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمَ آيَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ﷾ مَنْ أَحْيَاهُ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا وَجَعَلَهُ آيَةً فَكَيْفَ بمن أحياه إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ
1 / 74