منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
الناشر
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
مكان النشر
الطائف - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فيرى مطارق حديدية تهوي على جسمه، وقد تنشأ عن موثرات عضوية فيرى معسور الهضم عدُوًا، يخنقه، وربما نشأت عن رغبات مكبوتة في العقل الباطن، يريد أن ينفِّس عنها بهذه الأحلام، ولم يعرف فرويد وغيره من علماء النفس التحليليين غيرَ هذا النوع من الرؤيا فحصروا الرؤيا كلها فيه، فليست الرؤيا عندهم إلاّ تحقيقًا لرغبات نفسية لم يقدر لها أن تتحقق في الحياة العادية فينفس الإنسان عنها أثناء نومه، ويحاول تحقيقها ولو في النوم. وأنكروا وجود الأنواع الأخرى من الرؤيا، لقصور علمهم، وضيق أفقهم، فذلك هو مبلغهم من العلم، والإِسلام يقرّ هذا النوع من الرؤيا ويضيف إليه أنواعًا كما قال ﷺ " الرؤيا ثلاث، رؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا يحدث بها المرء نفسه " وعلماء النفس لا يعرفون إلا الأخير، وينطبق عليهم قوله تعالى: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) فهم لا يتحدثون إلّا عن هذه الأحلام النفسية، ويحصرون فيه كل الرؤى، في حين أن الرؤيا أنواع مختلفة، منها ما عرفه علماء النفس وتحدثوا عنه.
ومنها أيضًا الرؤيا الصادقة: التي يظهر تفسيرها في حياة الانسان، فيقع في اليقظة ما رآه في النوم على حسب التعبير الصحيح الذي تعبر به، وقد أثبت الإِسلام وجودها، وتحدث عنها علماء المسلمين، وهي كما يقولون: إلهام يلقيه الله تعالى في قلب العبد أثناء نومه، أو يلقيه الموكل بالرؤيا، أو ما تراه الروح عند عروجها إلى السماء أثناء النوم. فالأرواح -كما قال الإِمام علي ﵁ " يُعْرَج بها في منامها، فما رأت وهي في السماء فهو الحق " (١) وقال الأستاذ سعيد حَوَّى " هذا النوعِ من الرؤيا مهم جدًا (٢) لأنه يكون مبشرًا أو منذرًا أو مخبرًا أو محذرًا "، والرؤيا
_________
(١) كتاب الروح لابن القيم.
(٢) تربيتنا الروحية للشيخ سعيد حوى.
1 / 45