منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
الناشر
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
مكان النشر
الطائف - المملكة العربية السعودية
تصانيف
وَحْيًا، قال الكسائي: تقول وحيت إليه إذا كلمته بكلام تخفيه عن غيره. أما الوحي شرعًا: فهو إعلام الله تعالى لنبيٍّ من أنبِيَائه بالشريعَة الْمنْزَلَةِ عليه، وما يتعلق بها من أخبار وأحكام سواءً كان هذا الإِعلام الإِلهي مَنامًا أو إلهامًا أو كلامًا بواسطة أو بغير واسطةٍ. وِإنما سمي إعلام الله لأنْبِيَائِهِ وحيًا لأمرين:
أولًا: لأنه يأتي غالبًا إِلى الأنبياءِ في سرِّية وخفاءٍ، وأصل الوحي في اللغة " الإِعلام الخفي ".
ثانيًا: أنه غالبًا مما يتم في سرعةٍ شديدةٍ حتى أنَّ القسطلاني قال: والتلقي من الملك، وفهم النبي ﷺ ما أُلقي إليه كأنه في لحظة واحدة، بل أقرب من لمح البصر، ولذلك سمي وحْيًا لأن الوحي في اللغة الإِسْراع. والحاصل أنه سُمِّيَ وحيًا لما يتصف به غالبًا من الخفاءِ والسرعة، حتى قال بعضهم: الوحي شرعًا هو إلقاء الله تعالى الكلام أو المعنى في نفس النبي بخفاء وسرعة.
ولكن هذا التعريف في الحقيقة، لا ينطبق على الوحي في كل الأَحوال، فليس كل وحي يأتي إلى النبي ﷺ في سرعة وخفاء، فقد يأتي أحيانًا عَلانيةً، ويلقاه جبريل أمام أصحابه، فيرونه ويشاهدونه، ويسأل النبيَّ ﷺ ويجيبه ﷺ وهو بين أظهرهم، وَيقولُ لهم النبي ﷺ: " هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم ". وقد تطول مدة نزول الوحي، ويستغرق فترة من الزمن، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، فالسرية والسرعة ليست صفة لازمة للوحي، ولا حالة مطرِّدَة فيه، وإنما هي حالة أغلبية والله أعلم.
أنواع الوحي: قال ابن القيم: وكمل الله له ﷺ من مراتب الوحي مراتب عديدة.
1 / 25