منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
الناشر
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
مكان النشر
الطائف - المملكة العربية السعودية
تصانيف
ورَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًَا) قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ".
ــ
من اليهود" وهو كعب الأحبار كما أفاده الطبري في تفسيره، والطبراني في الأوسط " قال له: آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا " أي لجعلناه عيدًا نحتفل به تقديرًا وتكريمًا لذلك اليوم، لأهميته الدينيَّة والتاريخية، وإشادةً بفضله، وتذكيرًا للناس بمناسبته التاريخيّة العظيمة قال: أيُّ آية؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي) فهي آية عظيمة جديرة بأن يحتفل بيوم نزولها، لأن الله أتم بهذه الآية المباركة أحكام الدين وشرائع الإِسلام، بعد أن أتم نعمته على المسلمين بالهداية والتوفيق، وفتح البلد الحرام، والقضاء على النفوذ الوثني فيه، واختار لهذه الأمة دين الإِسلام الحنيف، وارتضاه لهم دون سواه، فقال: (إن الدين عند الله الإِسلام) وقال تعالى: (ومن يبتغ غير الإِسلام دينًا فَلن يقبل منه) " قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم " الذي نزلت فيه الآية الكريمة " والمكان الذي نزلت فيه " أي وعرفنا المكان الذي نزلت فيه، فأنت لم تأت بجديد، ولم تنبهنا على شيءٍ كنا نجهلُهُ فهي قد نزلت " على النبي ﷺ وهو قائم بعرفة يوم جمعة " فأصبح ذلك اليوم عيدًا لأنه يوم عرفة وعيدًا أيضًا لأنه يوم جمعة، فاجتمع فيه عيدان، كما جاء مصرحًا بذلك في رواية الطبراني حيث قال " وهما لنا عيدان " وفي رواية إسحاق عن قبيصة أن عمر قال: نزلت يوم جمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد، وروى ابن عباس ﵁ أنّ يهوديًّا سأله عن ذلك، فقال: نزلت في يوم عيدين يوم جمعة ويوم عرفة أخرجه الترمذي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولًا: أن آخر آية نزلت في التشريع الإِسلامي
1 / 131