قالا: ما سمعت شيئا.
قال: بلا والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا وأن خباب بن الأرت عندكما يسمعكما قوله.
وقام إلى المخدع فقام دونه سعيد بن زيد فواثبه عمر، فقامت أخته فاطمة بينه وبين زوجها سعيدا لتحول بينهما، فضربها عمر فشجها فسربلها دما، فلما رأى ذلك عمر ندم واستطال عليه سعيد فقال: يا عمر قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك.
وقالت أخته فاطمة مثل ذلك، وأخرجا إليه خباب بن الأرت، فكسر ذلك من ارعوى عمر، ورأى الصحيفة في يد أخته فقال لها: أريني هذه الصحيفة.
قالت: ما كنت بالتي أفعل.
فقال لها في ذلك وترضاها، فقالت: نخشاك عليها.
فحلف لها أنه لا يحدث فيها حدثا، فدفعتها إليه فنظر فيها، فلما قرأ صدرا منها قال: ما أحسن هذا من كلام، ثم وضعها وخرج فتوشح على سيفه وعمد نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع أصحابه في بيت الصفا، فقرع الباب عليهم فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فنظر من خلال الباب، فرأى عمر متوشحا على سيف معه، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو فزع فقال: يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف يقرع الباب.
وكان حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وآله حاضرا بين يديه مع القوم، فقال للرجل الذي جاء بخبر عمر: وما ذاك ائذن له، فإن أراد شرا قتلته بسيفه.
فنظر الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: «نعم ائذن له».
فخرج الرجل ونهض رسول الله صلى الله عليه وآله في أثره، ففتح الرجل الباب ودخل عمر فلقيه رسول الله صلى الله عليه وآله في وسط الحجرة، فأخذ يجمع رداءه وجبذه جبذة شديدة وقال: «ما جاء بك يا ابن الخطاب، فو الله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة من
صفحة ١١٨