مناقب
الإمام أحمد بن حنبل
للحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي
"٥١٠ - ٥٩٧هـ"
تحقيق
الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
قال الشيخ الإمام العالم الأوحد الصدر الكبير جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي رحمة الله عليه:
الحمد لله الذي أنشأ فأحسن الإنشاء، ثم قدَّم وأَخر كما شاءَ، اختار من العالم الإنسي المرسلين والأنبياء، ثم ورثتهم الصالحين العلماء، ثم أَجزل لبعضهم من الفضل العطاء، وصلى الله على محمد أشرف راكب نزل البيداء، وعلى أصحابه الذين نالوا بصحبته العلاء، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى أَن يعيد الناقض البناء، وسلم تسليمًا كثيرًا.
اعلموا إخواني- وفقكم الله- أن الله ﷿ فضل محمدًا- ﷺ على سائر الخلق، وقدم أُمته على جميع الأمم، وجعل سبب التفضيل العلم والعمل به، فمن سير حال نبينا ﵇ علم فضله على جميع الأنبياء في العلم
1 / 3
والعمل، ومن نظر في علوم أئمتنا رأي من علوم علمائهم ما يعجز عنه الأَحبار، ومن عبادة متعبديهم ما يقصر عنه الرهبان، ولا نظر إلى صورة الترهبن، فإن التعبد بموافقة المشروع ومخالفة الهوى أَشد وأَعظم. فالعلم والعمل بحمد الله في أُمتنا فاش كثير غير أَني بحثت عن نائلي مرتبة الكمال في الأَمرين- أَعني العلم والعمل- من التابعين ومن بعدهم، فلم أَجد من ثمَّ له الأَمران على الغاية التي لا يخدش وجه كمالها نَوع نقص، سوى ثلاثة أَشخاص: الحسن البصري، وسُفيان الثوري، وأحمد بن حنبل. وقد جمعتُ كتابًا يحوي مناقب الحسن، وكتابًا يجمع فضائل سفيان، ثم رأَيت أَحمد بن حنبل أَولى بذلك منهما لأنه جمع من العلوم ما لم يجمعا، وحمل من الصبر على إقامة الحق ما لم يحملا، وإني رأَيت جماعة قد جمعوا مناقبه؛ فمنهم من قصر فيما نقل، ومنهم من لم يرتب ما حَصّل، فرأَيت أَن أصرف بعض زمني إلى تهذيب كتاب يشتمل على مناقبه وآدابه، ليعرف المقتدي قدر من اقتدى به، والله الموفق.
1 / 4
فصل
وقد جعلت هذا الكتاب مئة باب وهذه تراجم الأبواب والله مُلهِم الصواب:
الباب الأول: في ذكر مولده وأصله.
الباب الثاني: في ذكر نَسبه.
الباب الثالث: في ذكر مَنشئه في صباه.
الباب الرابع: في ذكر ابتدائه في طَلب العلم ورحلته فيه.
الباب الخامس: في تَسمية من لقي من كبار العلماءِ وروى عنهم.
الباب السادس: في ذكر تأَدبه عند مشايخه احترامًا للعلم.
الباب السابع: في ذكر إقباله على العلم واشتغاله به.
الباب الثامن: في ذكر حِفظه وقَدر ما كان يحفظ.
الباب التاسع: في بَيان غزارة علمه وقوة فهمه وفقهه.
الباب العاشر: في ذكر ثَناء مشايخه عليه.
الباب الحادي عشر: في ذكر من حدَّث عنه من مشايخه ومن الأكابر.
الباب الثاني عشر: في ذكر من حدَّث عن أَحمد على الإطلاق من الشيوخ والأَصحاب.
1 / 5
الباب الثالث عشر: في ذكر ثناء نُظرائه وأَقرانه ومقاربيه في السن عليه.
الباب الرابع عشر: في ذكر ثناءِ كبار أَتباعه عليه بما عرفوه منه.
الباب الخامس عشر: فيما يذكر من إنفاذ إلياس إليه السلام.
الباب السادس عشر: فيما يذكر من ثناءِ الخضر عليه.
الباب السابع عشر: في ذكر ثناءِ غرباءِ العبّاد والأَولياءِ عليه.
الباب الثامن عشر: في ذكر تبرك الأَولياءِ به وزيارتهم له.
الباب التاسع عشر: في ذكر تنويه ذكر.
الباب العشرون: في ذكر اعتقاده في الأُصول.
الباب الحادي والعشرون: في ذكر تمسكه بالسنة والأثر.
الباب الثاني والعشرون: في ذكر تعظيمه لأهل السنة والنقل.
الباب الثالث والعشرون: في ذكر إعراضه عن أهل البدع ونهيه عن كلامهم وقدحه فيهم.
الباب الرابع والعشرون: في ذكر تبركه واستشفائه بالقرآن وماءِ زمزم وشعر الرسول وقصعته.
الباب الخامس والعشرون: في ذكر الوقت الذي ابتدأَ فيه بالتحديث والفتوى.
1 / 6
الباب السادس والعشرون: في ذكر بذله للعلم واحتسابه في ذلك.
الباب السابع والعشرون: في ذكر مصنفاته.
الباب الثامن والعشرون: في ذكر كراهيته وضع الكتب المشتملة على الرأي ليتوفر الالتفات إلى النقل.
الباب التاسع والعشرون: في ذكر نهيه أَن يكتب كلامه أَو أني روي.
الباب الثلاثون: في ذكر كلامه في الإخلاص والرياءِ وستر التعبد.
الباب الحادي والثلاثون: في ذكر كلامه في الزهد والرقائق.
الباب الثاني والثلاثون: في ذكر كلامه في فنون مختلفة.
الباب الثالث والثلاثون: في ذكر ما أَنشده من الشعر أو نُسب إليه.
الباب الرابع والثلاثون: في ذكر مكاتباته.
الباب الخامس والثلاثون: في ذكر صفته وهيئته وسمته.
الباب السادس والثلاثون: في ذكر هيبته.
الباب السابع والثلاثون: في ذكر نظافته وطهارته.
الباب الثامن والثلاثون: في ذكر سهولة أَخلاقه وحسن معاشرته.
الباب التاسع والثلاثون: في ذكر حلمه وعفوه.
الباب الأربعون: في ذكر ماله ومعاشه.
الباب الحادي والأربعون: في ذكر تعففه عن أموال الناس وظلف نفسه عنها وقطع طمعه منها.
1 / 7
الباب الثاني والأَربعون: في ذكر كرمه وجوده.
الباب الثالث والأَربعون: في ذكر قبوله الهدية ومكافأته عليها.
الباب الرابع والأَربعون: في ذكر زهده.
الباب الخامس والأربعون: في ذكر صفة بيته وآلاته.
الباب السادس والأَربعون: في ذكر مطعمه.
الباب السابع والأَربعون: في ذكر رفقه بنفسه.
الباب الثامن والأَربعون: في ذكر ملبسه.
الباب التاسع والأَربعون: في ذكر وَرعه.
الباب الخمسون: في ذكر إعراضه عن الولايات.
الباب الحادي والخمسون: في ذكر حُبه للفقر والفقراءِ.
الباب الثاني والخمسون: في ذكر تواضعه.
الباب الثالث والخمسون: في ذكر إجابته الدعوة وخروجه لرؤية المنكر.
الباب الرابع والخمسون: في ذكر إيثاره العُزلة والوحدة.
الباب الخامس والخمسون: في ذكر إيثاره خمول الذكر واجتهاده في ستر الحال.
الباب السادس والخمسون: في ذكر خوفه من الله ﷿.
الباب السابع والخمسون: في ذكر غَلبة الفكر والهم على قلبه.
1 / 8
الباب الثامن والخمسون: في ذكر تَعبده.
الباب التاسع والخمسون: في ذكر عدد حجاته.
الباب الستون: في ذكر دُعائه ومُناجاته.
الباب الحادي والستون: في ذكر كراماته وإجابة سؤاله.
الباب الثاني والستون: في ذكر عدد زوجاته.
الباب الثالث والستون: في ذكر سراريه.
الباب الرابع والستون: في ذكر عدد أَولاده.
الباب الخامس والستون: في ذكر أخبار أَولاده وعقبه.
الباب السادس والستون: في ذكر ابتداء المحنة وسببها.
الباب السابع والستون: في ذكر قصته مع المأمون.
الباب الثامن والستون: في ذكر ما جَرى له بعد موت المأمون.
الباب التاسع والستون: في ذكر قصته مع المعتصم.
الباب السبعون: في ذكر تَلقي المشايخ إياه بعد انقضاءِ المحنة ودعائهم له.
الباب الحادي والسبعون: في ذكر تحديثه بعد المعتصم.
الباب الثاني والسبعون: في ذكر قصته مع الواثق.
الباب الثالث والسبعون: في ذكر قصته مع المتوكل.
الباب الرابع والسبعون: في ذكر ما جرى له مع ابن طاهر من طلب استزارته وامتناعه عليه.
1 / 9
الباب الخامس والسبعون: في ذكر ما جرى له مع ولديه وعمه حين قبلوا صلة السلطان.
الباب السادس والسبعون: في ذكر جماعة من كبار الذين أَجابوا في المحنة.
الباب السابع والسبعون: في ذكر كلامه فيمن أَجاب في المحنة.
الباب الثامن والسبعون: في ذكر جماعة ممن لم يجب في المحنة.
الباب التاسع والسبعون: في ذكر مرضه الذي مات فيه.
الباب الثمانون: في ذكر تاريخ موته ومَبلغ سنه.
الباب الحادي والثمانون: في ذكر غَسله وكفنه.
الباب الثاني والثمانون: في ذكر المتقدم للصلاة عليه.
الباب الثالث والثمانون: في ذكر كثرة الجمع الذين صلوا عليه.
الباب الرابع والثمانون: في ذكر ما جرى عند حمل جنازته من مَدح السنة وذم البِدعة.
الباب الخامس والثمانون: في ذكر ازدحام الناس على قبره بعد دفنه.
الباب السادس والثمانون: في ذكر ما خلَّف من التركة.
الباب السابع والثمانون: في ذكر تأثير موته عند جميع الناس.
الباب الثامن والثمانون: في ذكر تأثير موته عند الجن.
1 / 10
الباب التاسع والثمانون: في ذكر التعازي به.
الباب التسعون: في ذكر المنتخب من الأشعار التي مُدح بها في حياته ورثي بها بعد وفاته.
الباب الحادي والتسعون: في ذكر المنامات التي رآها أحمد.
الباب الثاني والتسعون: في ذكر المنامات التي رئي فيها أحمد.
الباب الثالث والتسعون: في ذكر المنامات التي رئيت له.
الباب الرابع والتسعون: في فَضيلة زيارة قبره.
الباب الخامس والتسعون: في فضيلة مجاورته.
الباب السادس والتسعون: في ذكر عقوبة من آذاه.
الباب السابع والتسعون: في ذكر ما قيل فيمن يتنقَّصه.
الباب الثامن والتسعون: في سبب اختيارنا لمذهبه على مذهب غيره.
الباب التاسع والتسعون: في فَضل أَصحابه وأَتباعه.
الباب المئة: في ذكر أعيان أصحابه وأَتباعه من زمانه إلى زماننا.
1 / 11
الباب الأول
في ذكر مولده وأصله
أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم الكَرُوخِي، قال: أخبرنا عبدُ الله بن محمد الأنصاري، قال: أخبرنا أبو يعقوب الحافظ، قال: أخبرنا أَبو بكر بن أبي الفضل المُعدَّل، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الصرَّام (ح) وأخبرنا عبدُ الملك، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الهَرَوي قال: حدثنا محمد بن محمد بن يعقوب العَدْل. البُوشَنْجيُّ قال: حَدثنا محمد بن الطَّيِّب بن العباس، قالا: أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الغَسِيلي قال: سمعت صالح بن أحمد يقول: وُلِد- يعني أَباه- في سنة أَربعٍ
1 / 12
وستين ومئة في ربيع الأول وجيءَ به من مَرو حملًا.
أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الحريري، قال: أخبرنا أبو عمر بن حَيُّويَه، قال: أخبرنا أبو مُزاحم الخاقاني، قال: حدثني عبد الله بن أحمد، قال: سمعتُ أبي يقول: ولدتُ في شهر ربيع الأَول سنة أَربع وستين ومئة.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنْدي، قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله البَقّال، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بِشْران، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقّاق، قال: حدثنا حنبلُ بن إسحاق، قال: سمعتُ أَبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: ولدتُ سنة أَربع وستين ومئة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزَّاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، قال: حدثنا الوليد بن بكر الأندلسي، قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو مسلم صالح ابن أحمد بن عبد الله بن صالح العِجْلي، قال: حدثني أبي، قال: وأحمد بن محمد بن حنبل يُكنى أبا عبد الله، سَدوسي من أنفسهم، بَصري من أهل خُراسان، ولد ببغداد ونشأ بها، ثقة ثَبْت في الحديث، فقيه في الحديث، مُتبع للآثار، صاحبُ سنة وخير، نَزِهُ النفس.
أنبانا محمد بن أبي مَنصور، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، قال:
1 / 13
أخبرنا عُبيد الله بن عمر بن شاهين، قال: حدثني أبي، قال: سمعتُ محمد بن العباس النحوي يقول: سمعتُ عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: قَدِمَتْ بي أُمي حاملًا من خراسان، وولدت سنة أَربع وستين ومئة.
أَخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد، قال: أخبرنا إبراهيمُ بن عمر البَرْمَكي، وأَخبرنا عبد الله بن علي المقرئ، قال: أخبرنا عبد الملك بن أَحمد السُّيُوري، قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل، قالا: حدثنا علي بن عبد العزيز بن مَرْدَك، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدثنا أبو زُرْعَة قال: أحمد بن حنبل أصله بَصري، وخِطته بمرو.
قال ابن أبي حاتم: وحدثنا صالح بن أحمد، قال: سمعت أبي يقول: ولدت في سنة أَربع وستين في أَولها في ربيع الأول. قال صالح: وجيء به حملًا من مَرْوَ، وتوفي أَبو أَحمد بن حنبل وله ثلاثون سنة فوليته أُمه- أراد كان عمر أبي أحمد ثلاثين سنة ثم مات وأحمد طفل- يدل عليه ما أَخبرنا به محمد بن أَبي
1 / 14
منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد، قال: أَنبأَنا إبراهيم بن عمر البَرْمَكي، قال: أَنبأَنا عبد العزيز بن جعفر، قال: حدثنا أَبو بكر الخلال، قال: حدثنا أَبو بكر المرُّوذي: أَن أَبا عبد الله قال له: قُدم بي من خُراسان وأَنا حَملٌ، وولدت هاهنا، ولم أَرَ جدي ولا أبي.
أَخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أَخبرني عبد الغفار بن محمد بن جَعفر المؤدِّب، قال: حدثنا عثمان بن أحمد بن عثمان الواعظ، قال: حدثنا أَحمد بن محمد بن عصمة الخُراساني، قال: حدثنا أحمد بن الخَضِر، قال: سمعتُ محمد بن حاتم يقول: أَحمد بن محمد بن حنبل أصله من مَرْوَ، حُمل من مَرْوَ وأُمه به حامل، وجدُّه حنبل بن هلال ولي سَرخس، وكان من أَبناءِ الدعوة.
أخبرنا هبة الله بن محمد بن الحُصين، قال: أخبرنا أَبو علي الحسن بن علي بن المُذْهِب، قال: أخبرنا أَحمد بن جعفر بن حمدان، قال: أخبرنا عبد الله ابن أَحمد بن حنبل، قال: حدثني أَبي، قال: حدثني الحسن بن يحيى من أهل مَرْوَ، قال: حدثنا أَوس بن عبد الله بن بُرَيْدة، قال: أَخبرني أَخي سهل بن عبد الله بن بُرَيْدة عن أبيه عن جده بُريدة، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: "سَيكونُ بَعدي بُعوثٌ كَثيرةٌ، فكونوا في بَعثِ خُراسان، ثم انزِلُوا مدينة مَرْوَ، فإنه بَناها ذو القَرنين، ودَعا لها بالبركَة، ولا يَضُرُّ أَهْلَها سوءٌ".
1 / 15
الباب الثاني
في ذكر نَسَبه
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزَّاز، قال: أخبرنا أبو بكر أَحمد بن علي بن ثابت. وأَخبرنا إسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنْدي، ومحمد بن أبي القاسم البغدادي، قالا: أخبرنا حَمْد بن أحمد، قالا: أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حَمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال ابن أسد بن إدريس بن عَبد الله بن حَيّان بن عَبد الله بن أنس بن عوف بن قاسِط ابن مازِن بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثَعلبة بن عُكَابَةَ بن صَعْب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هِنْب بن أَفْصى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلة بن أَسَد بن رَبيعة بن نزار بن مَعدٌ بن عَدنان بن أُد بن أُدَد بن الهَمَيْسع بن حمل بن النَّبْت بن قَيْذار ابن إسماعيل بن إبراهيم الخليل ﵇.
أَنبأَنا محمد بن أبي طاهر، عن أبي إسحاق إبراهيم بن عمر البَرْمَكي عن أبي بكر عبد العزيز بن جعفر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن هارون الخلال،
1 / 16
قال: حدثنا عصمة بن عصام العُكْبَري، قال: حدثنا حنبل، قال: سمعتُ أَبا عبد الله وجاءَه رجل، فقال: يا أبا عبد الله، أَمِلَّ عَليّ نسبك. قال: قُم إلى عمي حتى يملي عليك نسبي، قال عِصمة: أَملى علينا حنبل فقال: أحمدُ ابن محمد بن حَنبل بن هِلال بن أَسد بن إدريس بن عبد الله بن حَيّان بن عبد الله ابن أَنس بن عَوف بن قاسِط بن مازن بن شَيبان بن ذُهْل بن ثَعلبة بن عُكَابةَ بن صَعْب بن عَليّ بن بَكر بن وائل بن قاسِط بن هِنْب بن أَفْصى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلة بن أَسَد بن رَبيعة بن نزار.
قال الخلال: وحدثنا الحسن بن عبد الوهَّاب، قال: حدثنا الفضل بن زياد، قال: حدثنا أَحمد بن محمد بن حنبل، فذكره إلى آخره. وزاد: فقال: نزار بن مَعَدّ بن عَدنان بن أُد بن أُدَد بن الهَمَيْسع بن مليح بن النَّبْت بن قَيْذار بن إسماعيل بن إبراهيم ﵇. فقد وقعت الموافقة في هاتين الروايتين، إلا أَن في هذه الرواية "مليح" مكان "حمل".
وأَنبأَنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أخبرنا عُبيد الله بن عمر بن شاهين، قال: حدثني أَبي قال: هو أَحمد بن محمد ابن حَنبل بن هِلال، فذكر مثل ما ذكرنا في الروايتين إلى الهَمَيْسع.
وقد بان بهذه الروايات أن أحمد- ﵁ من ولد شَيبان بن ذُهل بن ثَعلبة، لا من ولد ذُهل بن شَيبان. وذُهل بن ثعلبة؛ هو عَم ذُهل بن شيبان. وقد غَلط أَقوام، فجعلوه من ولد ذهل بن شيبان، فأَخبرنا عبد الرحمن بن محمد
1 / 17
القزَّاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا محمد بن موسى الصَّيرفي، قال: حدثنا أَبو العباس الأصم، قال: سمعت العباس بن محمد الدُّوري، قال: كان أحمد رجلًا من العَرب من بني ذُهل بن شَيبان.
وأخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرنا عبيد الله بن أبي الفَتح، قال: أخبرنا علي بن أحمد الوَرّاق، قال: أخبرنا عبد الله بن أبي داود قال: أَحمد بن حنبل من بني مازن بن ذُهل بن شيبان بن ثعلبة.
وأخبرنا عبد الله بن علي المقرئ، قال: أخبرنا عبد الملك بن أحمد السيوري، قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي بن أحمد. وأخبرنا محمد بن أبي منصور قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، قالا: أخبرنا علي بن عبد العزيز بن مَرْدك البَرْذَعي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، قال: حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، قال: وَجدتُ في بعض كتب أبي نسبه: أحمد بن محمد بن حنبل بن هِلال بن أَسد بن إدريس بن عبد الله بن حَيان بن أسير بن عَوف بن قاسِط بن مازن بن ذُهل بن شَيبان بن ثَعلبة، فذكره. وهذا فيه غلط، فإن حيان هو ابن عبد الله، وما ذكره. وأُسير ليس في الأسماء، وإنما هو أنس، فقد وقع فيه تَصحيف وغلط، وقد انقلب الاسم، فإنه شيبان بن ذُهل بن ثَعلبة. فقالوا: ذُهل بن شَيبان بن ثعلبة، ولا أحسب هذا إلا أن بعض الرواة لم يضبِط، وسمع الناس يقولون ذُهل
1 / 18
ابن شيبان فقاله، كما قال الشاعر:
لَوْ كُنْتُ مِنْ مَازِنٍ لَمْ تَسْتَبِحْ إِبلي بَنُوا اللَّقِيطَة من ذُهْلِ بنِ شَيْبَانا
ولا يكاد يذكر شَيبان بن ذهل. ويدل على أنه من بَعض الرواة أَن هذه الرواية عن صالح رُوِيَتْ لنا على الصحة؛ فأخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي، قال: أخبرنا حَمْد بن أحمد، قال: حدثنا أبو نُعَيْم أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يوسف، والحسن بن محمد بن علي، وعلي بن أحمد بن يزداد، قالوا: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أحمد المديني، قال: حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، قال: وجدت في بعض كتب أبي ﵀ نسبه وهو: أحمد بن محمد بن حَنبل، فذكره إلى أن قال: ابن مازن بن شيبان بن ذُهل بن ثَعلبة.
وكذلك روي لنا عن أبي الحُسين أحمد بن جَعفر بن المنادي فيما نقله عن صالح قال فيه: ابنُ شَيبان بن ذهل، فهذا يدل على أن تلك الرواية عن صالح غلط من الناقل عنه.
وقد اجتمع فيما نصرناه ضبطُ هذا الراوي عن صالح بما يوافق الناس، وضبط عبد الله بن أحمد، وهو متقن، وضبط أَبي بكر الخَلّال وهو أَعلم الناس بما يتعلق بأحمد- ﵁ وضبط أَبي الحُسين بن المنادي، وأبي بكر عبد العزيز، وابن شاهين، وأبي نُعيم، وأَبي بَكر الخطيب. فدل على أنه الصحيح.
أخبرنا أَبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال:
1 / 19
حدثني من أثق به من العلماءِ بالنسب، قال: مازِن بن ذُهْل بن ثَعلبة- هو ابن عُكَابةَ بن صَعب- وهي قبيلة أبي عبد الله، أحمد بن حنبل، وهذا هو ذُهل الذي منه دَغْفَل بن حَنْظلَة، والقَعْقَاع بن شَوْر، ومُحارب بن دِثار، وعِمران ابن حِطَّان. وهو بَطن كثيرُ العلماءِ والخُطباءِ والشعراءِ والنسّابين.
قال: وذهل الأكبر هو ابن أخي هذا، وسمي الأكبر، لأن العدد في ولده، وهو ذهل بن شيبان بن ثعلبة. ومنه المُثنّى بن حارثة، وفي ولده العدد والشرف والفخر.
قلت: كذا حكى الخطيب، والصواب ذهل الأصغر هو ابن أَخي ذهل الأكبر، وقد ذكره على الصحة فقال: ذهل بن ثعلبة هو عم ذهل بن شيبان.
أنبأَنا محمد بن عُبيد الله البغدادي، قال: أخبرنا عبد الله بن عطاء، قال: قد اجتمع أحمد بن حنبل والنبي ﷺ في نِزار، لأن النبي ﷺ مُضَري، من وَلد مُضَر بن نزار، وكل قُريش من مُضر. وأَحمد بن حنبل رَبعي من ولد ربيعة بن نِزار، وهو أخو مُضر بن نزار، وولد نزار أربعة: مضر بن نزار، وربيعة بن نزار، وإياد بن نزار، وأنمار بن نِزار. ومن هؤلاءِ الأربعة تَشعبت بطونُ العرب كلها.
أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد، قال: أَنبأَنا أَبو إسحاق البَرْمَكي، قال: أَنبأَنا عبد العزيز بن جَعفر، قال: حدثنا أَبو بكر الخلال، قال: حدثنا زكريا بن يحيى الناقد، قال: سمعتُ أَبا بكر
1 / 20
الأعين، قال: سمعتُ الأَصمعي يقول: أبو عبد الله أحمد بن حنبل من ذُهل، وكان أبوه قائدًا.
قال الخلال: وحدثنا علي بن عبد الله بالبصرة، قال: حدثني إبراهيم بن فهر، قال: حدثنا عبد الله بن الرومي، قال: كنت كثيرًا ما أرى أبا عبد الله أحمد بن حنبل وهو بالبصرة يأتي مسجد بني مازن فيصلي فيه، فقلت له: يا أبا عبد الله، إني أراك كثيرًا ما تصلي في هذا المسجد! فقال: إنه مسجد آبائي.
أنبأَنا علي بن عبيد الله، عن أبي القاسم بن البُسري، عن أبي عبد الله بن بَطَّة قال: كانت أم أَبي عبد الله أَحمد شَيبانية، واسمها صفية بنت مَيمونة بنت عبد الملك الشيباني من بني عامر، كان أَبوه نزل بهم وتزوج بها، وكان جدها عبد الملك بن سوادة بن هند الشيباني من وجوه بني شيبان، وكان ينزل عليه قبائل العرب فيضيفهم.
1 / 21