وأما إسلام أبي طالب فيدل عليه وجوه:
الأول: اجماع أهل البيت صلوات الله عليهم، وهو المعتمد، وفيه الحجة على الخلق، لذهاب الرجس عنهم وطهارتهم، ولقوله صلى الله عليه وآله: " إني مخلف فيكم ما ان تمسكتم بن لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ". وقد اعترف بدلالته على حجية اجماع أهل البيت جماعة من مخالفينا، كالقاضي عبد الجبار صاحب كتاب المغني، ولا ريب فيه.
وقال ابن الأثير في جامع الفصل التاسع من الباب الأول من الركن الثالث من الفن الثاني: أهل البيت يزعمون إن أبا طالب مات مسلما.
الثاني: ما روي من تعظيمه للنبي (ص)، وتعظيمه صلى الله عليه وآله له، والمودة العظيمة بينهما:
من ذلك خطبته في تزويج خديجة عليها السلام، قال في الكشاف في تفسير سورة آل عمران: وفيما خطب به أبو طالب في تزويج خديجة عليها السلام، وقد حضر معه بنو هاشم ورؤساء مضر: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوبا وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس. ثم إن ابن أخي هذا من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح به، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل (1). انتهى.
ورواه في روضة الأحباب، وفيه بعد قوله: وجعلنا الحكام على الناس:
أما بعد، فإن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله فتى لا يوزن على رجل من قريش إلا رجح به وإن كان في المال قل، فان المال ظل زائل وأمر حائل، ومحمد قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من
صفحة ٤٨