مناهل العرفان في علوم القرآن

الزرقاني، محمد عبد العظيم ت. 1367 هجري
115

مناهل العرفان في علوم القرآن

الناشر

مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه

رقم الإصدار

الطبعة الثالثة

تصانيف

خادم رسول الله ﷺ: أن جروا دخل بيت النبي ﷺ فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي ﷺ أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي فقال: "يا خولة ما حدث في بيت رسول الله ﷺ؟ جبريل لا يأتيني" فقلت في نفسي: لو هيأت البيت وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو فجاء النبي ﷺ ترعد١ لحيته وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة فأنزل الله: ﴿وَالضُّحَى﴾ إلى قوله ﴿فَتَرْضَى﴾ . فنحن بين هاتين الروايتين نقدم الرواية الأولى في بيان السبب لصحتها دون الثانية لأن في إسنادها من لا يعرف. قال ابن حجر: قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة لكن كونها سبب نزول الآية غريب وفي إسناده من لا يعرف فالمعتمد ما في الصحيح اهـ. وأما الصورة الثانية- وهي صحة الروايتين كلتيها ولإحداهما مرجح- فحكمها أن نأخذ في بيان السبب بالراجحة دون المرجوحة. والمرجح أن تكون إحداهما أصح من الأخرى أو أن يكون راوي إحداهما مشاهدا للقصة دون راوي الأخرى. مثال ذلك: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي ﷺ بالمدينة. وهو يتوكأ على عسيب. فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه. فقالوا: حدثنا عن الروح. فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ . وما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل. فقالوا: اسألوه عن الروح فسألوه فأنزل الله: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الآية.

١ قال في القاموس: وقد رعد كنصر ومنع. وقال هامش القاموس: وقد استعمل رعد ثلاثيا أيضا مجهولا دائما، كجن. قالوا: رعد أي اصابته رعدة. قاله الخفاجي في شرح الشفاء اهـ.

1 / 117