"إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال" ومنها: رد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة امتثالا لقوله تعالى:
﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩] وقوله تعالى:
﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [الشورى: ١٠]، ومنها البعد عن الشقاق والتنازع امتثالا لقوله - تعالى:
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٦].
هذه هى الأسس والقواعد التي سار عليها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين - ومن بعدهم من القرون المشهود لها بالخير، ولم يقع بينهم اختلاف إلا في مسائل معدودة بسبب التفاوت في فهم النص أو سماع أحدهم قولا لم يسمعه غيره، لكن هذا الاختلاف في عصر الصحابة والتابعين كان محدودا وكان قائما على قواعد وأصول ثابتة مردها إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ثم ظهرت المذاهب الفقهية التي أثرت الحياة العلمية أيما إثراء بكثرة المؤلفات وإعمال الفكر والعقل في النصوص فوجد الفقه المالكي والفقه الحنفي والفقه الشافعي والفقه الحنبلي وهذه هى المذاهب الفقهية التي اشتهرت وذاع صيتها في الآفاق.
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا هو شرح لكتاب المدونة للإمام مالك ﵀ وهو "مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة
1 / 7