فيبقى من الأخبار صحيحة حريز، وحسنة العلاء بن سيابة الأولى وما في معناها، ورواية سلمة بن كهيل، وأما الآية فقد عرفت حاله.
فهذه الأخبار بظاهرها تدل على الاكتفاء بظاهر الاسلام، والتي قبلها تدل - مضافا إلى ذلك - على اعتبار حسن الظاهر في الجملة، وصحيحة ابن أبي يعفور تدل على حسن الظاهر بالتفصيل الذي ذكرنا، لكن الأخبار التي تدل على اعتبار مطلق الصلاح، وحسن الظاهر فهي في غاية الظهور في إرادة التفصيل المذكور، فإن لم نقل: إنه المتبادر منها، فلا نقول: إن المتبادر خلافها، فلا يجوز للخصم الاستدلال بها، سيما مع ملاحظة استصحاب اشتغال الذمة بتحصيل العادل، غاية الأمر الظهور فتكون مطلقات، فتحمل على المقيد، لاعتضاده بالأصل والاستصحاب والشهرة العظيمة، حتى قال الشهيد الثاني (رحمه الله) - بعد ما ذكر الاكتفاء بظاهر الاسلام، وأن حال السلف يشهد به -: إن المشهور الآن بل المذهب خلافه (1)، مع أن معلومية ذلك من أحوال السلف أيضا غير معلوم.
فالصدوق أورد صحيحة ابن أبي يعفور في باب العدالة، ثم ذكر باب من ترد شهادته، فعلم أن من تقبل شهادته عنده من كان متصفا بما فيها، وهو المنقول عن عبارات أكثرهم، كالمفيد (2) والشيخ في النهاية (3) والمبسوط (4) وابن البراج (5)، حيث نقل عن كل منهم: أنها أن يعرف بالستر والصلاح واجتناب الكبائر، وأن يكون معروفا بالورع عن محارم الله.
ويمكن أن يكون مراد الشيخ في الخلاف (6) أيضا أن التفتيش عن الباطن وترقب الخلوات لم يكن معهودا في زمان النبي (صلى الله عليه وآله) وبعده، وأن يكون مراده الطعن على من يعتبر الملكة الباطنية وتحصيل العلم بذلك.
ويؤيد ما ذكرنا ما نقله المحقق في المعارف (7) عن الشيخ في أن عدم السعي
صفحة ٨٦