الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الناشر
دار السلام
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
الفصل السادس إدارة شؤون القضاء
ثالثا: المظالم
كان حلف الفضول الذي عقدته قريش في دار ابن جدعان لرد المظالم التي تقع في مكة دليلا واضحا على وجود المظالم في الجاهلية «١»، وكان النبي ﷺ قد حضر هذا الحلف قبل النبوة، ثم أقره بعدها فقال: «لا يزيده الإسلام إلا شدة» «٢»، وروى أحمد (ت ٢٤١ هـ) قول النبي ﷺ: «شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه» «٣»، وهذا يفيد أن إقرار النبي ﷺ له يجعله في حكم وكأنه كان. بعد الإسلام، يقول الماوردي (ت ٤٥٠ هـ): «إلا أنه صار بحضور رسول الله ﷺ له، وما قاله في تأكيد أمره حكما شرعيّا وفعلا نبويّا» «٤» .
وتشعر الروايات بأن نظر أمر المظالم- في هذه الفترة- كانت داخلة في القضاء، فتذكر المصادر أن النبي ﷺ وهو قاضي المسلمين في المدينة- قد نظر المظالم في الشرب الذي تنازعه الزبير بن العوام (ت ٣٦ هـ) ورجل من الأنصار فحضره بنفسه وقال: «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك»، فقال الأنصاري: يا رسول الله ﷺ أن كان ابن عمتك، فتلون وجهه ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجذر- أصل الحائط- ثم أرسل الماء إلى جارك» «٥» قال الزهري (ت ١٢٤ هـ):
«واستوفى النبي ﷺ للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار
(١) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١٢٢) . ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ١٢٦- ١٢٨) . ابن حبيب، المحبر (ص ١٦٧) . المنمق (ص ٤٥- ٥٠) . اليعقوبي، تاريخ (ج ٣، ص ١٧، ١٨) . الفاسي، شفاء الغرام (ج ٢، ص ٩٩، ١٠٠) .
(٢) أحمد، المسند (ج ٢، ص ٢٠٧) . الدارمي، السنن (ج ٢، ص ٢٤٣) . أبو داود، السنن (ج ٣، ص ٣٣٨) .
(٣) أحمد، المسند (ج ١، ص ١٩٠، ١٩٣) . وانظر: ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١٢٢) . ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ١٢٦- ١٢٨) . ابن حبيب، المحبر (ص ١٦٧) . المنمق (ص ٤٥- ٥٠) . ويبدو أن النبي ﷺ يقصد بحلف المطيبين حلف الفضول، وهو الذي حضره النبي ﷺ وكان كثير من المشتركين في حلف المطيبين قد اشتركوا في حلف الفضول.
(٤) الماوردي، الإحكام (ص ٢٦٨) .
(٥) الترمذي، الصحيح (ج ٦، ص ١١٨)، النسائي، السنن (ج ٤، ص ٢٣٨، ٢٣٩) . الماوردي، الأحكام (ص ٧٧) . النويري، نهاية الأرب (ج ٦، ص ٢٦٨) . الشوكاني، نيل الأوطار (ج ٩، ص ١٧٧) .
1 / 240