أضف إلى ذلك أننا بالعقل أدركنا صحة إعجاز القرآن الكريم، وأدركنا بالتالي أنه ليس من كلام البشر، ولا من مقدورهم، وأنه كلام الله خالقه ومحدثه، خالق البشر وخالق الأكوان رب العالمين، وأنه لا {يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به}[آل عمران:7]، وأنه قرآن عربي مبين، وأنه ليس في القرآن الكريم ما لا معنى له ولا ما المراد به خلاف ظاهره.
لهذا وذاك ندرك أنه لا يمكن إهمال الدليل الفكري كما يرى بعض [علماء] المذاهب في المسائل العلمية والعملية، لأن ذلك يعتبر تجميدا للمواهب العقلية.
والواجب عند الزيدية هو التقدم بالفكر إلى المعرفة المطلوبة؛ لأنه قد نادى به الرسول بأمر الله في القرآن الكريم قال تعالى: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}[سبأ:46]، وقال تعالى: {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}[يونس:101]، وقال: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}[آل عمران:191].
وكيف يمكن القول بإهمال الدليل العقلي؟ والحال أننا بالعقل فقط أدركنا كيف نفهم الحق ونقنع الخصم بثبوت الحجة من كتاب الله وسنة رسوله، واستطعنا قبل ذلك إقناع الخصم بوجوب وجود الواجب الوجود، وأنه الرحمن أنزل القرآن سبحانه وتعالى، وبصحة إرسال الرسل، حيث لا طريق لهذا يجدي في مناظرة المجادل غير الدليل العقلي.
ومع ذلك فالزيدية لا يرون تعارضا بين العمل بالدليل العقلي وبين العمل بالحجج النقلية كما هو معلوم.
صفحة ٢٢