فسار وقد أخفى سلاحه تحت ثيابه، ولما خرج من بيت الدين تنكر، ووقف في الطريق المؤدية إلى بيت الأمير سعيد قرب البيت، ليعترض الرجل نفسه قبل دخوله خوفا من أن يخطئ فيعترض رجلا غيره، فلما كانت الساعة الثانية بعد الغروب رأى شخصا مارا وحده، يريد أن يعرج على بيت الأمير فتأمله فأبصر عليه لباس الضباط المصريين: السراويل المعقودة تحت الركبتين، والزنار الأحمر العريض، والطربوش التونسي، فلما رآه غريب خفق قلبه وارتعدت فرائصه من شدة التأثر، وتقدم إليه مسلما فرد عليه السلام.
فقال غريب، وقد تقدم نحوه: «هل تسمح بأن تشعل لي هذا الغليون؟» فقال الضابط: «مرحبا بك، وأخرج زنادا وصوفانا أشعل بهما نارا، وقدمها لغريب ليشعل غليونه، فاغتنم غريب تلك الفرصة وتفرس في وجه الرجل في ضوء الصوفان المشتعل، فإذا هو وجه رجل يعرفه قبل ذلك الوقت، ولكنه لم يستطع أن يميزه.»
فقال غريب: «إلى أين أنت ذاهب في هذا الليل؟»
فأجاب: «ما لك ولهذا السؤال، وهل جرت العادة هنا أن تعترضوا الناس في مسيرهم؟»
فقال غريب: «سألتك ذلك لغرض لي سأطلعك عليه، بعد أن تجيبني على سؤالي.»
قال الرجل: «ولكني لا أرى مسوغا لهذا السؤال، واعلم قبل كل شيء أنك تخاطب ضابطا من ضباط إبراهيم باشا.» فاشتبه غريب في صوت الرجل وكأنه يعرفه. فقال: «أنا أعلم ذلك، وإذا كنت لا تريد أن تجيبني على هذا السؤال فأخبرني عن اسمك.»
قال: «اسمي سالم أغا.»
فقال غريب: «سالم أغا! سالم، أهلا وسهلا بأخي وحبيبي أأنت الذاهب في هذا الطريق؟»
قال: «نعم وهل أنت الأمير غريب؟»
قال: «نعم.»
صفحة غير معروفة