قال همام: أخطأت أيما خطأ بجعلك سعدى في الدير، فإن ذلك يزيد كدرها ووحشتها، فالرأي عندي أن تجعلها عند شقيقتي أم فؤاد تقضي مدة إقامتها في القاهرة بأنس وحبور، فتخرج معها إلى المتنزهات في كل يوم، فلا تضجر ولا تسأم.
قال غانم: حبذا الرأي لو أن الأمر ممكن، وعلى كل حال فإني ممنون لك حافظ معروفك، ثم نظر في ساعته وقال: أزف الوقت، فلا بد لي من مفارقتك الآن والنظر في دعواي.
قال همام: يمكن تأجيل دعواك إلى غد، فاجعل هذا اليوم للراحة، فإني أدعوك لمناولة الطعام معي في الجنينة، وعند العصر نذهب إلى النزهة في شبرا.
فلم يجب غانم دعوة همام خلافا لعادته، وربما كانت هذه الدعوة هي الأولى التي رفضها غانم في حياته كلها، فأجاب في اعتذاره بقوله: نبقي دعوتك إلى وقت آخر، فإني الآن مضطر لمقابلة رئيس محكمة الاستئناف؛ لأشرح له عن تفاصيل دعواي لعله ينظر في صرفها وقضائها على حسب المراد.
قال همام: يا عجبا من هذا الاتفاق الغريب، فإن الرئيس من أعز أصحابي فإن شئت توجهت معك إليه للتوصية بك.
قال غانم: إن كان لك به معرفة فقم بنا إليه من الحال، ثم نعود إلى دعوتك.
قال همام: إن ذهبنا إليه في هذا الوقت لن نجده، وأرى المناسب لنجاح عملك أن تحضر إلى منزل شقيقتي سيدة، فإن لها معرفة جيدة معه، وهو يقضي السهرات على الغالب عندها، فيتيسر لك مقابلته كأنها بالصدفة، فتكلمه مليا عن دعواك، وأنا وشقيقتي نساعدك على بلوغ الأرب.
قال غانم: وهلا ترى شقيقتك مانعا من التوسط في هذه المسألة؟
قال همام: لا مانع يمنع، وسوف تختبر الأمر بنفسك.
قال غانم: الأمر إليك، واستدعى همام عربة فركباها ذهابا إلى منزل سيدة أم فؤاد.
صفحة غير معروفة