فقهقه المركيز ضاحكا وقال: أراهن على أن السير روبرت توهم أني من النور.
فقال الطبيب: هو ذاك.
وكان السير روبرت توقع أن يرى المركيز يضطرب، فإذا به يضحك ويقول له: اطمئن أيها الصديق؛ فإني حقيقة ابن اللورد إسبرتهون.
وقال له الطبيب: اعلم أيها الصديق أني أقسمت يمينا للورد إسبرتهون أن لا أبوح بهذا السر لأحد إلا متى تمكنت من إزالة هذا الوشم عن كتفه، وقد وجدت اليوم الدواء الذي يزيله ولم أعد مقيدا باليمين فاسمع ما حدث.
وعند ذلك قص عليه الحكاية نفسها التي قصها على المركيز منذ يومين، فلما فرغ من حديثه احمر وجه السير روبرت من الخجل والتفت إلى المركيز، فقال له: إني لا أعذر نفسي لظنوني السيئة، فهل تتفضل بمعذرتي أيها المركيز؛ فأجابه المركيز بأن مد له يده وصافحه وزالت الظنون. •••
وعاد السير روبرت إلى منزله، فوجد مس ألن تنتظره فقالت له: أين كنت يا عمي؟
قال: إني قادم من عند المركيز، وقد ثبت لي الآن أن ليونيل لا يمكن أن يكون ... - كيف ذلك؟ - ذلك أننا خدعنا؛ فإن المركيز هو حقيقة ابن اللورد إسبرتهون. - أأنت واثق؟ - كل الثقة. - والوشم؟ - إن له حكاية قصوها علي ووثقت بها. - إنك تلبث واثقا إلى أن تجد البرهان الوافي على أنهم كانوا يمثلون أمامك رواية. - ماذا تقولين يا ابنتي، ألعلك جننت؟ - وأنت ماذا قالوا لك عن أصل هذه العلامة. ولكن لا تقل شيئا؛ فإني أعرف الحكاية كما عرفتها، فهي من مخترعات جان دي فرانس. - جان دي فرانس؟ - نعم، أي ملك النور، وهو أخو سينتيا التي كانت خليلة اللورد إسبرتهون وأم المركيز روجر. ألم يخبروك أن النور اختطفوا المركيز في عهد حداثته من سراي كلكوتا؟ - نعم. ولكن كيف عرفت ذلك؟
فابتسمت ابتسامة السائد وقالت: أصغ إلي يا عماه؛ فإننا نسير وراء غاية واحدة، ولكن الأسباب مختلفة؛ فإنك تريد أن ترى ليونيل - وهو ابن اللورد الشرعي - في مكان أبيه. - ولكن كيف يكون ذلك إذا كانت الحكاية التي سمعتها أكيدة؟ - بل إنها مختلقة. وأنا أتعهد بأن أبرهن لك عن اختلاقها. - أنت؟ - نعم ولكن بشرط. - ما هو؟ - هو أن تدع لي حريتي التامة. - كيف ذلك؟ - إني أستمهلك ثلاثة أيام على الأكثر ويوما على الأقل فأثبت لك أن المركيز روبرت هو أميري ابن سينتيا النورية، وأكره هذه الأم على الاعتراف. - أنت تفعلين ذلك؟ - نعم إذا أردت أن أكون أنا الفكر المدبر وأنت اليد العاملة. - لقد رضيت. - إذن إني أحتاج هذه الليلة إلى اثنين من رجالك لأستعين بهما على اختطاف.
فنظر إليها منذهلا فقالت: ألعلك نسيت يا عمي أني نورية. إنك شريف حر الضمير فلا تستطيع أن تتغلب على جان دي فرانس. - ولكن أين سمعت اسم هذا الرجل؛ فإني أذكر أني سمعته من قبل؟ - تذكر يا عماه. ألم تخبرني مرة أن اللورد إسبرتهون كاد أن يفترسه النمر فأنقذه رجل نوري. - نعم. - إن هذا النوري كان جان دي فرانس. ثم ألا تذكر أن المركيز روجر كاد يبطش به الوحش في الغابة وأن رجلا أنقذه؟ - نعم. - إن هذا الرجل كان جان دي فرانس. ثم ألا تذكر حين احتالوا على المركيز يوم مبارزته مع الضابط مكسويل، فأعطوه حساما سريع الانكسار، وأن رجلا أبدل السيف بسواه؟ إن هذا الرجل كان جان دي فرانس. - إذن، إنه شيطان في زي إنسان . - هو ذاك. ولكنه ملاك يحمي روجر من كل الأحقاد، فقد أنقذه عشر مرات من الموت في أميركا، وهو يلزمه لزوم ظله أين ذهب. - وإن روجر شريكه لا محالة؛ لأنه يعرف أصله. - كلا؛ فإن روجر يعتقد اعتقادا واضحا أنه ابن اللورد الشرعي. - إذا كان ذلك يمكن إرجاعه إلى الصواب. - نعم. ولكن ليس أنت الذي تستطيع إرجاعه. - كيف ذلك؟ أيشك بكلامي؟ - إن الذين يخضعون لسلطة جان دي فرانس لا يثقون إلا به أو بي. - أنت؟ - نعم. فإن روجر يحبني أعظم حب بحيث أستطيع به مقاومة جان دي فرانس، فإذا أطلقت لي حريتي جعلت ليونيل يخلف المركيز دون أن أدع الألسنة تلهج بهذا الانقلاب. - ولكن ماذا يكون مصيره؟ - ليتوارى معي عن العيون ويكفيه ثروة أن أحبه كما يحبني. - ولكن أية فائدة لجان دي فرانس من حماية المركيز؟ - إنه ابن أخته، ومن طائفته المضطهدة؛ فهو يريد أن يتخذه سلاحا ضد مضطهدي تلك الطائفة. - وأنت تعتقدين أنك تستطيعين مقاومة جان دي فرانس؟ - بل إني واثقة من الفوز عليه إذا كنت تأذن لي أن أخرج من المنزل حين أشاء. - إني أمنحك هذه الحرية فلا يهنأ لي عيش قبل أن تنحل هذه الرموز. - لقد قلت لك إني محتاجة إلى رجلين يساعدانني على اختطاف. - من الذي تريدين اختطافه؟
سينتيا أم المركيز، وإن عندك خادمين شديدين، وهما نوح وبلاك، فمرهما أن يطيعاني وعلي البقية.
صفحة غير معروفة