قال: إنها تذهب في كل ليلة إلى مضارب النور المخيمين تحت جسر لندرا فتلقي عليهم أوامرها.
فاكتفيت بهذا الجواب وبرحت الساحة على رجاء أن أرى تلك النورية.
وفي اليوم التالي اختبأت في مركبتي، وتمكنت من رؤياها؛ فإذا بها فوق ذلك الوصف.
وكان يصحبني خادم ذكي الفؤاد، فكان من ذكائه أنه جعلني ابن الدوق دي بولون، أي خطيب تلك النورية، وخلوت بها في أحد الفنادق.
وقد بالغت في ملاطفتها حتى غفرت لي أني أدعي اللورد إسبرتهون.
وأقمت معها أسبوعا، وأحببتها حتى إني أردت أن أتوسط لطائفتها لدى اللورد المحافظ فلا ينفيها من لندرا.
ولكن رجال هذه الطائفة كانوا قد أمعنوا بشرورهم حتى رجعت عن الوساطة حذرا من الفشل، ونفيت الطائفة؛ فسافرت ملكتها معها. - ماذا كانت تدعى هذه الحسناء؟ - سينتيا. - أما رأيتها بعد ذلك العهد؟ - كلا. - من يعلم فقد تكون في هذه المضارب التي نذهب إليها الآن.
فارتعش اللورد ولم يجب بشيء، ورأيا عند ذلك أنوارا تضيء، فقال شمشون: لقد وصلنا، وهذه هي مضاربنا.
وكانت هذه المضارب مؤلفة من خمس خيام كبيرة ومركبتين ضخمتين كان يوجد فيهما كثير من الآلات المختلفة وأربع بقرات وقطيع من الماعز والخراف كانت موجودة في دائرة تبلغ مساحتها مائة متر، وهي مسورة بالقصب الهندي.
وكانت النار مشبوبة في ساحة في وسط الخيام، وعليها دست كبير كانت عجوزتان جالستين من حوله تطبخان فيه جديا للعشاء، وأمامهما خمسة من النور مضطجعون على الأرض، وكلبان كبيران ينظران إلى قوائم الجدي البارزة من الدست ويهران، وقد نفد صبرهما من الجوع، وشغلا برائحة الطعام الشهية عن شم رائحة القادمين فلم يستقبلاهم بالنباح.
صفحة غير معروفة