ثم قبلت جبينه قبلة حادة أخص ما يقال في وصفها إنها قبلة أم. •••
وفي اليوم التالي ذهب المركيز إلى النادي وهو فرح القلب باسم الثغر، فتسابق الأعضاء للسلام عليه؛ فإنهم لم يروه منذ أسبوع، وقال له واحد منهم: إنك لو أتيت أمس لرأيت عجبا.
قال: لماذا؟
قال: لأنك كنت رأيت رجلا عجيبا في أطواره؛ فإن إحدى عجائبه أن له خمسة عشر اسما تبتدئ بالدون رودرو بيدرو دانتس ... إلخ، وهو من عظماء الإسبان. يلبس في أصبع من أصابعه خاتمين من الماس وغيره من الحجارة الكريمة، ولا شك أن له مناجم ذهب؛ فقد خسر أمس ألفين وخمسمائة جنيه وهو يضحك كأنه من الرابحين أو كأنه الناباب عثمان.
فارتعش المركيز لذكر عثمان، وقال لهم: هل لكم أيها السادة أن تخبروني عما تعلمونه عن الناباب عثمان؟
فقال أحدهم: يقال إنه يتنزه في أراضيه في إيكوسيا. وقال آخر: إن هذا الرجل عجيب أيضا في أطواره، فإنه بينما نراه هنا وهو مرتد بملابس الأعيان نراه يتجول في أقبح أزقة لندرا وهو بملابس البحارة.
فأجابه أحدهما قائلا: ألعلها حكاية تقصها؟
قال: بل حقيقة رأيتها؛ فقد رأيته في الليل داخلا إلى وبنغ وهو يحدث رجلا من عامة الشعب ويحدثه الرجل دون كلفة كأنهما صديقان.
فارتعش المركيز لذكر النوري وأراد أن يغير الحديث فقال: لقد كنتم تتحدثون عن هذا الإسباني، فمن أين أتى؟
فقال واحد منهم: إنه قادم من أميركا وهو يقول: إنه لقي ابن عمك السير جيمس فيها. - متى؟ - منذ ثلاثة أشهر. - هذا محال أيها السادة؛ فإن ابن عمي سقط من أعلى الحصن منذ ستة أشهر. - هذا الذي قلناه له، ولكنه أثبت مدعاه، وفوق ذلك فهذا هو قد حضر، وستقف منه على الحقيقة.
صفحة غير معروفة