178

الملك لير

تصانيف

أجل يا سيدي، لقد تناولتها وقرأتها في حضرتي، وكنت أرى قطرات الدموع تساقط على خدها الرقيق من آن لآن، وكأنما كانت تغالب عاطفة الوجد حتى كبحت جماحها وهي ثائرة بقوادها تود لو تستطيع أن تتغلب عليها.

كنت :

إذن فقد أثارتها الرسائل.

الأمين :

نعم، ولكنها لم تزلها عن وقارها، وكأنما تباري الصبر والحزن؛ أيهما أقدر على تجليتها في أروع مظهر؟ أرأيت إشراق الشمس وانسجام المطر معا؟ كذلك كان على الفضل ابتسامها وبكاها، وكأنما كانت تلك البسمات الحلوة التي افترت عنها شفتاها الناضجة تجهل في سكونها ما استقر من ماء الشجون في جفونها، فما لبثت أن انفرطت من عينيها الدموع كما تنفرط حبات اللؤلؤ من جوهرتين مشرقتين، ولعمري لو كان يتجلى كل ذي حزن فيما تجلت به من روعة الحسن؛ لكان الحزن بهجة للعين، وهوى لكل فؤاد.

كنت :

ألم تنبس بشيء؟

الأمين :

بلى تنهدت مرة أو اثنتين تنادي «والدي» وقد احتبس نفسها وتهدج كأنما كان القلب يعاني عبئا أناخ عليه، ثم صرخت منادية «أختاي! أختاي!» يا عار النساء، أختاي! كنت! أبي! أختاي! ويلاه! في العاصفة، في ظلام الليل! لا، لا، ما أكذب دعوى الرحمة! ثم رأيتها أسالت قطرات الماء المقدس من عينها السماوية، وأعولت، ثم انصرفت تعالج وجدا في انفراد.

كنت :

صفحة غير معروفة