وبعد قليل من الزمن أرسل الوزير مائة فارس بعددهم، وكل ما يلزم لهم، وزوده بمال كاف حتى يصل إلى بلاده، ويجمع الجيوش.
الفصل الثالث عشر
في دخول كورش مملكة فارس ورجوعه إلى همذان وفتحها وأسر جده
وركب «كورش» ومن معه، وقد كان أرسل «روبير» في أثناء ذلك لتخليص الراعي وزوجته من سجن «أستياج» ففعل، واستصحبهما معه، وقاموا جميعا يقصدون بلاد فارس، وقد وفقتهم العناية الإلهية بلطفها، فوصلوا إلى مدينة «شيراز» في أقرب وقت. وكان الوزير أرسل الرسل بدهائه إلى من يعتمد عليهم من أكابر إيران، وأخبرهم بمجيء ابن ملكهم «قمبيز»، ولما علموا بذلك فرحوا فرحا شديدا، وكانوا منتظرين حضوره منذ بضع سنين بناء على وعد الوزير لهم. ولما علموا بقرب حضوره تجمعوا سرا، واستحضروا لمقابلته، وقد دخل «كورش» «شيراز» كالأسد الضاري، فقابلته أهل «شيراز»، وهجم على قصر الملك بمن معه، وخلع الحاكم الذي من قبل «أستياج»، وجلس مكانه. وأعلن في المدينة أن الملك «كورش» ابن الملك «قمبيز» قد حضر، وجلس على سرير أبيه، فمن يريد أن يدخل تحت رايته فليحضر.
وقد نشر هذا الإعلان في جميع مملكة إيران، وكانت تلك المملكة قد ضجر أهلها من ظلم «الماديين»، واستعبادهم لهم وحرمانهم من السلطة في بلادهم، فجمعوا أكابرهم وعقدوا الرأي على تعضيد «كورش» ومبايعته عليهم ملكا، ثم جمع العساكر، وحشد الجنود، وهجم على مدينة «همذان»، وكان الملك «أستياج» قد أحس بالأمر فجمع الجيوش، وأمر عليهم وزيره «أرباغوس»، وحصن المدينة من كل جهة، وكان «أرباغوس» يدس الفتن من كل جهة ضد «أستياج»، وقد جاء «كورش» بجيوش الفرس، وعسكر حول المدينة، وكان الملك وقومه في أمان من ضبط الأسوار، وفي ثاني يوم اصطفت العسكر، ودار بينهما الحرب؛ ففي اليوم الأول كان فيه النصر للماديين، ولما أمسى المساء دخلت عساكر «أستياج» إلى المدينة، وأوصدوا الأبواب.
أما «كورش» فإنه جلس في سرادقه، وجمع أكابر قومه، وطلب آراءهم في فتح المدينة، فقالوا: إن هذه الأسوار متينة جدا، وليس لنا في فتحها إلا أن نستعمل الحيلة.
قال «فانيس»: فانتظروا «روبير» إلى حين حضوره، فإنه الآن في المدينة داخل الأسوار.
فتعجب «كورش» والحاضرون من ذلك، وقالوا: كيف أمن على نفسه، ودخل بين الأعداء، وهو معروف بينهم؟!
قال «بركزاس»: لا خوف عليه، فإنه ينفذ من الزرد.
وكان «روبير» لما دخلت عساكر «مادي» إلى المدينة لبس لباس الجند، ودخل من ضمنهم، ولم يزل سائرا إلى أن دخل على الوزير، ولما رآه استبشر به، وكان في احتياج له ليرسل معه التعليمات إلى الملك «كورش»، وبعد أن سلم وجلس سأله عن أحوال الملك، قال: هو بخير أيها الوزير.
صفحة غير معروفة