مقدمة
ما كنت أتصور أنني سأعيش حتى اليوم الذي أستطيع منه كتابة هذه القصة عن ملك فرنسا غير المتوج، دون أن أجرح إحساسات أولئك الذين اشتبكت أسرهم بمختلف فصول هذه الفاجعة الأليمة.
لقد وقعت بين يدي تفاصيل هذه القصة بطريقة غريبة، ولما كنت قد وعدت منذ بضع سنوات بألا أنشر ما نمى إلي منها؛ فإنني وقد تحررت من وعدي هذا أخشى ألا أجد من يصدق القصة!
إنني عليمة بأن الكثيرين سوف ينكرونها، وإني أقر بأن في بعض حوادثها غرابة وطرافة تجعلانها أقرب إلى خيالات الوهم منها إلى وقائع التاريخ. ولكن على الرغم من هذا كله، فالقصة في جميع فصولها واقعية حقيقية، لا يشوبها الوهم ولا يطغى عليها الخيال.
المؤلفة
الفصل الأول
إذا كنت في باريس، وسرت في شارع كليشي الذي يمتد من شمال كنيسة الترينيتيه، فإنك تجد قبل أن تصل إلى الميدان بضعة أبنية جديدة ضخمة تبدو غريبة في هذا الحي القديم من المدينة.
على أننا إذا رجعنا إلى سنة 1860، فإنا نجد مكان هذه الأبنية ساحة مربعة تحفها مبان قليلة الارتفاع، أطلق عليها اسم «مدينة ريمور»، وكانت هذه مقرا للفنانين والشعراء، يعيشون فيها العيشة البوهيمية العجيبة المحببة لديهم.
وكان يوصل إلى هذه الساحة طريق يسير تحت قنطرة متداعية، يمتد في مواجهتها صف من الاستديوات، لها نوافذ مستطيلة أسدل خلف كل منها ستار أسود، يخيل إلى الرائي أنه مثبت في مكانه لا يرتفع ولا يهبط، غير أن تراكم الغبار فوق هذه النوافذ كان يصد عين الفضول عن النظر إلى الداخل أكثر من الستائر نفسها.
وكان يمتد على يمين القنطرة صف من المخازن والحوانيت تعرض في نوافذها نماذج بضاعتها، وإن كانت جميعها لا يكاد يرى الإنسان أحدا بداخلها.
صفحة غير معروفة