مقدمات التحقيق
<الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر عجل الله فرجه> تأليف العالم العامل العابد الزاهد رضى الدين أبي القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني المتوفى 664 ه منشورات الرضى قم-ايران
صفحة ٣
الطبعة الخامسة 1398 ه-1978 م حقوق الطبع محفوظة
صفحة ٤
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الاولى
ترجمة المؤلف
هو رضي الدين أبو القاسم علي بن سعد الدين إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله محمد الطاووس بن إسحاق[1]بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود[2]بن الحسن المثنى بن الإمام المجتبى الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام[3].
كني بابن طاووس نسبة إلى جده الأعلى أبي عبد الله محمد بن [1]في خاتمة المستدرك للنوري ج 3 ص 466 عن مجموعة الشهيد الأول: كان إسحاق يصلي في اليوم والليلة خمسمائة ركعة عن والده.
[2]في «عمدة الطالب» ص 178 ط النجف كان داود رضيع الإمام الصادق «ع» حبسه المنصور وأراد قتله ففرج الله تعالى عنه بالدعاء الذي علمه الصادق «ع» لأمه ويعرف بدعاء أم داود في النصف من رجب مذكور العمل به في الاقبال وغيره.
[3]نص على هذا النسب المترجم في إجازته المذكورة في الاجازات من البحار ج 25 ص 17 وعمدة الطالب ص 178.
صفحة ٥
إسحاق فإن محمدا كان جميل الصورة بهي المنظر إلا أن قدميه لم يتناسبا مع جمال هيئته فلقب بالطاووس[1].
وأمه بنت الشيخ العالم الزاهد ورام بن أبي فراس الحلي وأم أبيه بنت الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي فالشيخ الطوسي جد أبيه من الأم كما نص عليه المترجم في (الإقبال) فانه قال: قرأت كتاب المقنعة للشيخ المفيد على والدي بروايته عن الفقيه الحسن بن رطبة عن خال والدي السعيد أبي علي الحسن بن محمد عن والده محمد ابن الحسن الطوسي جد والدي من قبل أمه عن الشيخ المفيد الخ[2].
كما في لؤلؤة البحرين للشيخ الجليل يوسف البحراني من أن أم المترجم بنت الشيخ ورام وأمها بنت الشيخ الطوسي لا يتم لأن وفاة الشيخ ورام كما ذكره ابن الأثير ج 12 ص 110 سنة 605 ه ووفاة الشيخ الطوسي سنة 460 ه فتكون وفاة الشيخ ورام بعد وفاة الشيخ الطوسي بمائة وخمسة وأربعين سنة فكيف يتصور كونه صهرا للشيخ على ابنته وان فرضت ولادة البنت بعد الشيخ أعلا الله مقامه.
على أن المترجم لم يذكر هذه النسبة مع حرصه على ضبط أمثالها بل قد عرفت منه حصر نسبة أم والده الشيخ الطوسي.
كما أن ما في لؤلؤة البحرين من أن أم ابن ادريس الحلي صاحب السرائر بنت الشيخ الطوسي فتكون والدة المترجم وابن إدريس ولدي خالة أيضا غير تام، فان وفاة الشيخ الطوسي كما عرفت سنة [1]المجلسي في الاجازات ص 19.
[2]الاقبال ص 334 في فضل الدعاء لأول يوم من شهر رمضان.
صفحة ٦
460 وولادة ابن إدريس في سنة 543[1]فبين الوفاة والولادة ثلاثة وثمانون سنة والعادة قاضية بعدم قابلية من هي بهذا السن للولادة هذا لو فرضنا ولادة البنت بعد الشيخ الطوسى وأما إذا كانت ولادتها قبل وفاة الشيخ رحمه الله فتزاد السنين[2].
إن كل من درس حياة سيدنا المترجم يعرف ان له مقاما فوق مستوى العقول في قداسة النفس ووفور العلم وشدة الاحتياط والورع الغير متناهي وأخذ الحذر عما لا يرضي المولى سبحانه مع ما تحمله من الجهد في إسعاف الأمة بما يهذبها ويربى بها إلى أوج النزاهة، أما بنصائحه البالغة وارشاداته القيمة كما يدل عليه رسالته إلى ولده التي أسماها (كشف المحجة) .
وأما بادلاء الحجج والبراهين لمعرفة الذين ومن هم الوسائط في الكشف عنه كما يرشد اليه كتابه (كشف اليقين) وكتاب (الطرائف) وكتاب (الطرف) .
وأما بالزامهم بالغاية الفذة من الخلقة وهي العبادة لله جل شأنه والزلفى لديه ويدل عليه كتاب (الإقبال) وكتاب (فلاح السائل) و(جمال الإسبوع) و(مهج الدعوات) .
وأما بلفت الأنظار إلى صحيح التاريخ الذي هو العبرة للمعتبر، وداع إلى السير وراء آثار السلف الصالح والتحذر عما يوجب تدهور [1]في خاتمة المستدرك ج 3 ص 481 توفي ابن ادريس سنة 598 ه فله 55 سنة .
[2]هذه الملاحظة الدقيقة لشيخنا المحقق النوري في خاتمة المستدرك ج 3 ص 472 وص 481.
صفحة ٧
الماضين إلى الضعة وينبىء عند كتابه: (الاصطفاء إلى تأريخ الخلفاء) .
وأما بالتعرف إلى فقه الشريعة والإرشاد إلى كيفية: إستنباط الأحكام من أحاديث آل الرسول عليهم السلام ويدل عليه كتابه (غياث سلطان الورى لسكان الثرى) في المواسعة والمضايقة.
إلى غير ذلك من تآليفه القيمة وكلها يد بيضاء على الأمة وبها كان شاخصا أمام أعين القراء، ماثلا بين العلماء، له مكانة في القلوب خالدة مهما تعاقب الملوان.
وهذا كله بعد أن تحلى بالملكات الفاضلة التي تركته فائقا بين أفراد نوعه وأهلته للتشرف بمشافهة (حجة الوقت الإمام المنتظر) عجل الله فرجه إلى كرامات أثبتتها الجوامع وتحدث بها الثقات وحدث بجملة منها نفسه أعلا الله مقامه امتثالا لقوله سبحانه وتعالى (وأما بنعمة ربك فحدث) وفي ذلك يقول العلامة الحلي في إجازته الكبيرة لبني زهرة: كان رضي الدين علي بن طاووس صاحب كرامات، حكى لي بعضها وروى لي والدي رحمه الله البعض الآخر؛ وفي (أمان الأخطار) و(مهج الدعوات) و(غياث سلطان الورى) شيء كثير منها.
فان تفق الأنام وأنت منهم # فإن المسك بعض دم الغزال
أما النقابة: وهي تولية شؤون العلويين تدبير أمورهم والدفع عما ينالهم من العدوان فتولاها من هذا البيت جد المترجم أبو عبد الله محمد الملقب بالطاووس كان نقيبا بسورى[1].
[1]المجلسي في الاجازات ص 19 والنوري في خاتمة المستدرك ص 470 عن مجموعة الشهيد وسورى كما في معجم البلدان ج 5 ص 168 من أعمال بابل بالقرب من الحلة.
صفحة ٨
كما تولاها أخو المترجم (أحمد) في هذا البلد[1]وتولاها ابن أخ المترجم مجد الدين محمد بن عز الدين الحسن بن أبي إبراهيم موسى بن جعفر فانه خرج إلى السلطان هلاكو وصنف له كتاب البشارة وسلم الحلة والنيل[2]والمشهدين من القتل والنهب ورده اليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية[3]وتولاها ابن أخ المترجم وهو غياث الدين عبد الكريم ابن جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن أبي إبراهيم موسى بن جعفر كما تولاها ولده أبو القاسم علي بن غياث الدين السيد عبد الكريم[4] وتولاها ولد المترجم أحمد وحفيده عبد الله[5]وتولاها في نصيبين من أهل هذا البيت أبو يعلى محمد بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود ابن الحسن المثنى وكان أديبا شجاعا كريما فاضلا[6].
وان سيدنا المترجم حيث أغرق نزعا في مقام التجرد عن عالم الملك وتحيز إلى صقع القداسة كلف في زمان المستنصر العباسي بتولية النقابة [1]في خاتمة المستدرك ج-ص 466 كان السيد أحمد فقيها رجاليا أديبا شاعرا صنف كتبا كثيرة منها البشرى في الفقه ست مجلدات، وعين العبرة في غبن العترة، وبناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية، التي صنفها الجاحظ، وهو أول من ناظر في الرجال وفتح باب الجرح والتعديل، توفي سنة 677 ه، وفي الحوادث الجامعة ص 152 ذكر له كلاما بديعا عند احتراق حرم العسكري «ع» أيام الظاهر.
[2]في معجم البلدان ج 8 ص 360 يقع في قرب حلة بني مزيد حفره الحجاج الثقفي وهو يمتد من الفرات الكبير وعليه قرية ونسب اليه جماعة من العلماء.
[3]عمدة الطالب طبع النجف ص 179.
[4]المستدرك ص 441.
[5]عمدة الطالب ص 180.
[6]عمدة الطالب ص 178.
صفحة ٩
فلم يقبلها غير أنه في الآونة الأخيرة ترجح في نظره أن ينهض بصالح الأشراف ويدرأ عنهم الهوان ويكبح من يطمع منهم إلى الرذائل ويسير بهم في خطة سلفهم الطاهر سيرا سجحا فتقلدها من قبل هلاكو خان مدة ثلاثة سنين واحدى عشر شهرا[1]وحصل له ما أراد من الغاية المتوخاة له.
أقام ببغداد نحوا من خمس عشر سنة، ثم رجع إلى الحلة، ثم سكن المشهد الغروي برهة ثم عاد إلى بغداد في دولة المغول، وفي المرة الأولى أسكنه الخليفة المستنصر العباسي في الجانب الشرقي منها[2].
ولما فتح هلاكو بغداد في سنة 656 ه أمر أن يستفتي العلماء أيما أفضل السلطان الكافر العادل أو السلطان المسلم الجائر؟فجمع العلماء (بالمستنصرية) لذلك، فلما وقفوا على المسألة أحجموا عن الجواب وكان رضي الدين علي بن الطاووس حاضر المجلس وكان مقدما محترما فلما رأى إحجامهم تناول الورقة وكتب بخطه: الكافر العادل أفضل من المسلم الجائر فوضع العلماء خطوطهم معتمدين عليه[3].
وكانت بينه وبين مؤيد الدين القمي محمد بن محمد بن عبد الكريم[4] [1]المجلسي في الإجازات ص 19 وخاتمة المستدرك ص 478 عن مجموعة الشهيد.
[2]المجلسي في الإجازات ص 19.
[3]الفخري في الآداب السلطانية ص 11 طبع مضر سنة 1345 ه.
[4]في كشف الغمة ص 245 ذكر اجتماع السيد رضي الدين بالوزير القمي وسؤال الوزير إياه عن وجه استغفار الامام الكاظم «ع» في سجدة الشكر، وهذا الوزير توفي ببغداد سنة 629 ه ودفن أولا بمقبرة الزرادين بالمأمونية، وبقي ثلاثة عشر سنة
صفحة ١٠
وزير الناصر ثم إبنه الظاهر ثم المستنصر مواصلة وصداقة متأكدة.
كما كانت صلة أكيدة بينه وبين الوزير ابن العلقمي وابنه صاحب المخزن.
أساتذته وتلاميذه
تخرج على كثير من فطاحل العلماء المحققين واستجازهم:
منهم: العالم الصالح الشيخ حسين بن محمد السوراوي، قال في (فلاح السائل) اجازني سنة 609 ه.
ومنهم الشيخ أبو الحسن علي بن يحيى بن علي الفقيه الحناط-بالحاء المهملة والنون المشددة-كما هو المضبوط في جمال الاسبوع وفلاح السائل وأربعين الشهيد، نسبة إلى بيع الحنطة أو الخياط-بالخاء المعجمة والياء المثناة من تحت المشددة-كما هو المضبوط في فتح الأبواب نسبة إلى عمل الخياطة.
قال في (فلاح السائل) و(جمال الأسبوع) : إنه أجازني سنة 609 ه.
ومنهم الشيخ نجيب الدين محمد بن نما ذكره في الدروع الواقية.
ومنهم السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي.
ومنهم الشيخ الجليل أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر بن أسعد وأحد عشر شهرا ثم نقل الى تربة أنشأها بمشهد الكاظميين ووقف عليها وقوفا وكان محبا للخير مكرما للعلويين، وهو القائل: ان كان ينفعني يوم الدين شيء فاكرام هؤلاء العلويين.
صفحة ١١
الأصفهاني صاحب رشح الولاء، قال في فلاح السائل: أجازني ببغداد سنة 635 ه في داري التي أسكنني بها الخليفة المستنصر.
ومنهم الشيخ تاج الدين الحسن بن الدربي ذكره في الدروع الواقية.
ومنهم الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيز بن وشاح السوراوي الحلي الفقيه العالم صاحب المنهاج في علم الكلام ذكره الشهيد في الحديث التاسع من الأربعين.
ومنهم السيد أبو حامد محيي الدين محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني ابن أخي ابن زهرة صاحب الغنية، ذكره الشهيد في الحديث 33 من الأربعين.
ومنهم نجيب الدين محمد السوراوي كما في (الإجازات) .
ومنهم الشيخ صفي الدين محمد بن معد الموسوي.
وتخرج عليه فطاحل العلماء واستجازوه في الرواية وفي طليعتهم العلامة الحلي وابن أخيه السيد عبد الكريم صاحب (فرحة الغرى) إلى كثيرين نص عليهم العلامة النوري في خاتمة مستدرك الوسائل[1].
كتاب الملاحم
لقد كان هذا السفز الوحيد في بابه، ثروة علمية كبرى لمن يتحرى الوقوف على ما أرشد اليه النبي (ص) وخلفاؤه المعصومون وأصحابه السائرين على أثره، مما يجري في الكون من حوادث وفتن وفيه من أعلام النبوة شيء يهش اليه كل مسلم حيث انه صلى الله عليه وآله وسلم اخبر عن أمور لم [1]ج 3 ص 473.
صفحة ١٢
يشهدها في حياته المقدسة وقد وقعت كما صدع بها، ومن المقطوع به أن في أخبار الرسول الأعظم بهذه الأمور المتأخرة بحسب إقتضاء ظرفها المحدودة به بشائر بالعصر الذهبي المستقبل الذي يعود إلى الدين الحنيف جدته فتسكن اليها القلوب المتضجرة من الفساد السائد في الكون.
فالكتاب: سفر حديثي من ناحية، ومجموعة معاجز من ناحية أخرى وتباشير بالعدل المقرون بظهور (حجة آل محمد «عج» ) من ناحية ثالثة.
وقد انتخب المؤلف أخباره من ثلاثة كتب من المصادر الوثيقة المؤلفة في هذا الباب لأئمة الحديث كما نص عليهم الكتاب.
وكان هذا السفر الجليل مختبئا في زوايا المكتبات وقد ظنت به الأيام كما هي عادتها في أمثاله حتى إمتن المهيمن تعالت آلاؤه على الامة بإرشاد المهذب الغيور (محمد كاظم ابن الحاج محمد صادق) صاحب المطبعة الحيدرية في النجف إلى هذا الكتاب؛ فبذل الجهد في البحث عنه ونسخه على نسخة العلامة المحقق الشيخ محمد السماوي، وقابلها بمساعدة العلماء المدققين على نسخة شيخنا الحجة الشيخ آغا بزرك مؤلف كتاب (الذريعة إلى مصنفات الشيعة) المستنسخة على نسخة الأصل للمؤلف أعلا الله مقامه[1].
فخرج الكتاب من المطبعة درة ثمينة وقد ضم بين طياته آدابا علمية ودروسا أخلاقية وبراهين دالة على أحقية من هم الواسطة في هداية البشر وإرشادهم إلى الطريق المهيع.
[1]كان هذا في الطبعة الاولى-الناشر.
صفحة ١٣
فالقراء الكرام يشكرون لحضرة الناشر المومى إليه هذه الهمة القعساء والشعور الملتهب غيرة على إحياء المؤلفات القيمة.
كما انه قبل هذا الكتاب أجهد نفسه في نسخ كتاب: (فرج المهموم لمعرفة النجوم) من مؤلفات سيدنا المترجم رضوان الله عليه الذي جمع فيه المؤلف أقوال أهل بيت العصمة عليهم السلام وما اعتقده علماء الفريقين في النجوم من أنها علامات دالة على ما يحدث في الكون من صلاح وفساد وأوضح بالشواهد التاريخية بطلان الاعتقاد بأنها فاعلة مختارة لاستلزامه التعطيل في حق (واجب الوجود) تعالى شأنه.
وقد امتن علينا صاحب المطبعة الحيدرية باخراج الكتاب ماثلا أمام القراء برونق بهيج يلتذ له السامع ويستفيد منه العالم ويستعين به المؤرخ وإنا لنشخص إلى المهيمن سبحانه مبتهلين بأن يفيض على ناشر هذين الكتابين ما يقر به منه زلفة في المثابرة على إحياء آثار آل الرسول الأقدس وفي ذلك يقول الامام الصادق عليه السلام: رحم الله من أحيى أمرنا ودعا إلى ذكرنا، إنه تعالى ولي العون والتوفيق.
ولادته ووفاته
كانت ولادة سيدنا المترجم في المحرم سنة 589 ه وتوفي ببغداد في الخامس من ذي القعدة[1]سنة 664 ه وحمل إلى مشهد جده علي بن أبي طالب عليه السلام[2].
[1]العراق بين احتلالين ج 1 ص 262 للاستاذ عباس العزاوي.
[2]الحوادث الجامعة ص 356 لابن الفوطي.
صفحة ١٤
ومما نص به (فلاح السائل) عند ذكر صفة القبر إنه ينبغي أن يكون القبر إلى الترقوة ويكون فيه لحد من جهة القبلة بمقدار ما يجلس الجالس فيه فإنه منزل الخلوة والوحدة فيوسع بحسب ما أمرنا الله تعالى به مما يقرب إلى مراضيه، وقد كنت مضيت بنفسي وأشرت إلى من حفر لي قبرا كما اخترته في جوار جدي ومولاي علي بن أبي طالب عليه السلام متضيفا ومستجيرا وسائلا ومتوسلا بكل ما يتوسل به أحد من الخلائق اليه وجعلته تحت قدمي والدي رضوان الله عليهما لأني وجدت الله تعالى يأمرني بخفض الجناح لهما ويوصيني بالاحسان اليهما فأردت أن يكون رأسي مهما بقيت تحت القبور عند قدميهما.
وهذا يقتضي أنه أوصى بحمله إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام ودفنه فيه، لكن في الحلة خارج البلد قبة عالية تنسب اليه ويزار قبره ويتبرك به ولا يخفى بعد هذه النسبة لو كانت الوفاة ببغداد، نعم يمكن أن تكون هذه القبة لبعض آل طاووس رضوان الله عليهم.
***
صفحة ١٥
مقدمة المؤلف
<بسم الله الرحمن الرحيم>* [1] (................ ) كان صلوات الله عليه.. وناهضين برفع مناره ومحافظين على أسراره بالصدق والكذب فيما نقل عنه من أخباره وواضعين[2]لمعجزاته وبرهانه غير مترددين.. وتأويل الآيات والروايات ولا محتاجين إلى .. المهمات[3]لئلا يوقعهم فيما لا يعلمون قوله جل جلاله (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) وان يكونوا مصاحبين للألباب، وللسنة والكتاب، ومصونين[4]عن مفارقتهما في الأسباب والآداب، لم يتجدد بينهم وبينهما فيما مضى وما حضر من الأوقات، خطر العداوات، ولا كدر المعاقباث والمعاتبات، قد دل الله جل جلاله، ورسوله صلوات الله عليه وآله وسلم عليهم ببيان المقال، ولسان الحال مما وهب لهم من صفات الكمال، في الفعال والمقال.
[1]سقط من نسخة الاصل التي بخط المؤلف بأكل الأرضة اسطر من الحمد لله والصلوات، وهي محل البياض في السطر الأول والكلمات التي في بعض الصحائف.
[2]وواصفين
[3]من المهمات
[4]ومصانين.
صفحة ١٧
وبعد: فاني وجدت الاهتمام بمعرفة الملاحم، وما يشتمل عليه من المعجزات الدالة على وجوب قبول المراسم، وتعظيم اليه.. وتفضيل ما تضمنته من تجميل ذكر الحليم الكريم.. وصان[1]من يعرفها من خطرها الهاجم بالصدقات والدعوات.. الحادثات ووجدت فيها..
الغائبات والحجج البالغات على الربوبية، والامور النبوية.. الحمد والشكر أن يبلغ بحقها إلى الغايات.. وقفت من كتب الملاحم والفتن، عن جدي محمد محيي السنن.. هي ما يستحقه بها من المنن، وكانت المعرفة بها من الجنن التي يرجى بها الصيانة عن المحن، وما يخاف من أهل العداوة والإحن، ثم انقل كلما وقفت عليه، وحفظت يسيرا من كثير، مما اعتقدت انني احتاج إليه، ورأيت بالله جل جلاله ولله جل جل جلاله ان اذكر ثلاثة تصانيف منها ما رأينا لا غنى لمن يحتاج اليها عنها (أحدها) كتاب الفتن: تأليف نعيم بن حماد الخزاعي لإنه أقرب عهدا بالصحابة والتابعين وقد زكاه جماعة من المفسرين، فقال الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمته نعيم بن معاوية بن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك أبو عبد الله الخزاعي ثم قال: روى عنه يحيى بن معين وأحمد بن منصور الرمادي، ومحمد بن اسماعيل البخاري، وقال: كان نعيم يسكن مصر، وذكر باسناده إلى ابراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين وسئل عن نعيم بن حماد فقال ثقة، وكان نعيم بن حماد رفيقي بالبصرة. وذكر الخطيب باسناده إلى علي بن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال أبو زكريا: حدثنا نعيم بن حماد ثقة صدوق رجل صدق، أنا أعرف الناس به كان رفيقي بالبصرة كتب عن روح بن عبادة خمسين ألف حديث.
[1]وصيانة.
صفحة ١٨
وروى الخطيب باسناده إلى أبي مسلم صالح بن احمد بن عبيد الله العجلى حدثني أبي قال نعيم بن حماد المروزي ثقة.
< (فصل) >وذكر الخطيب باسناده عن محمد بن سعد قال: نعيم بن حماد كان من أهل (مرو) وطلب الحديث طلبا كثيرا بالعراق والحجاز ثم نزل مصر فلم يزل فيها حتى اشخص منها في خلافة أبي اسحاق بن هارون فسئل عن القرآن فأبى أن يجيب فيه بشيء مما أرادوه عليه فحبس بسامراء فلم يزل محبوسا بها حتى مات في السجن في سنة ثمان وعشرين ومائتين.
وذكر الخطيب في ترجمة أبي حنيفة ان نعيم بن حماد روى في أحاديثه عن أصحاب علي بن أبي طالب عليه السلام وعمن روى عنه من أصحاب عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وغيرهم.
< (الفصل الثاني) >: كتاب الفتن لأبي صالح السليلي بن أحمد بن عيسى ابن شيخ الحساني تاريخ نسخة الأصل سنة سبع وثلاثمائة بخط مصنفها في المدرسة المعروفة بالتركي بجانب الغربي من واسط من نسخة هي الأصل على ما حكاه من ذكره انه شاهدها.
< (الفصل الثالث) >: كتاب الفتن تأليف أبي يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث البزاز تاريخ كتابتها سلخ شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة استعرتها من وقف النظامية.
< (فصل) >وقد اقتضت الاستخارة أن اذكر من هذه الثلاثة المصنفات ما يوفقني الله جل جلاله لذكره وأكون في ثقله متابعا لمقدس أمره وحافظا بجمعه ما تفرق من سره ومستفتحا لأبواب بره ونصره،
صفحة ١٩
وتعظيم قدره والتعريف لما يجب على ذلك من حمده وشكره، واجعله أبوابا وفي كل باب أذكر ما اشتمل عليه الباب من خبره وخبره، واقيد ذكر الأبواب التي في ذلك الكتاب ليعرف الناظر فيها ما اشتملت عليه فيطلبه من حيث يرشده إليه انشاء الله تعالى.
القسم الأول
في علم النبي (ص) بالحوادث كلها.
< (الباب الأول) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم بن حماد ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم بما هو قائم إلى يوم القيامة. قال: حدثنا حكم بن نافع عن سعيد بن سنان قال عن كثير بن مرة أبي شجرة الحضرمي عن ابن عباس قال: قال النبي (ص) إن الله رفع لي الدنيا فأنا أنظر اليها والى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة كما أنظر الى كفي.
في علم أمير المؤمنين «ع» بالحوادث
< (الباب الثاني) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم بن حماد من معرفة مولانا علي بن أبي طالب «ع» بالفتن إلى قيام الساعة.
قال حدثنا أبو هارون الكوفي عن عمرو بن قيس الملائي عن منهال عن ابن عمرو عن زر بن حبيش سمع عليا يقول: سلوني فو الله لا تسألوني عن فئة خرجت تقاتل مائة أو تهدي مائة إلا أنبأتكم بسائقها وقائدها وناعقها ما بينكم وبين الساعة.
< (الباب الثالث) >فيما نذكره من الفتن لنعيم بن حماد عن علي «ع» في خمس فتن تصير الناس في الخامسة كالبهائم.
قال حدثنا أبو اسامة حدثنا الأعمش قال حدثنا منذر الثوري عن عاصم بن ضمرة عن علي بن ابي طالب «ع» قال جعل الله في هذه الأمة خمس فتن: فتنة عامة ثم فتنة خاصة ثم فتنة عامة ثم فتنة خاصة ثم فتنة خامسة تصير الناس فيها كالبهائم.
صفحة ٢٠
< (الباب الرابع) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم بن حماد عن النبي (ص) انه تكون فتنة يعرج فيها بعقول الرجال، قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن ليث بن أبي سليم قال حدثني الثقة يزيد بن قعنب عن حذيفة ابن اليمان قال: قال رسول الله (ص) تكون فتنة ثم تكون جماعة ثم تكون فتنة ثم تكون جماعة ثم فتنة يعوج فيها عقول الرجال.
في وصف الفتن التي تقبل من البلدان
< (الباب الخامس) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم بن حماد يتضمن سبع فتن عن النبي (ص) . قال حدثنا يحيى بن سعيد العطار قال حدثنا الحجاج رجل منا عن الوليد بن عباس قال: قال عبد الله بن مسعود قال لنا رسول الله (ص) : أحذركم سبع فتن تكون بعدي فتنة تقبل من المدينة وفتنة بمكة وفتنة تقبل من اليمن وفتنة تقبل من الشام وفتنة تقبل من المشرق وفتنة من قبل المغرب وفتنة من بطن الشام وهي فتنة السفياني، قال ابن مسعود منكم من يدرك أولها ومن هذه الأمة من يدرك آخرها، وقال الوليد بن عباس فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير، وفتنة مكة فتنة ابن الزبير، وفتنة اليمن من قبل نجدة، وفتنة الشام من قبل بني أمية وفتنة المشرق من قبل هؤلاء؛ وقلت أنا لعله يعني بني العباس لأن ولايتهم كانت قبل المشرق.
< (الباب السادس) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم بن حماد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر أربع فتن يصف شدة الرابعة منها فقال حدثنا يحيى بن سعيد العطار عن ضرار بن... عن ابن أبي فروة عمن حدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) لتأتيكم بعدي أربع فتن؛ الأولى يستحل فيها الدماء، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال،
صفحة ٢١
والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج، والرابعة صماء عمياء مطبقة تمور مور السفينة في البحر حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ، تطير بالشام وتغشى العراق وتخبط الجزيرة يدها ورجلها يعرك الأنام فيها البلاء عرك الأديم لا يستطيع من الناس يقول فيها مه.. مه.. ؟لا ترفعونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى.
ذكر فتن أربع وحديث المهدي
< (الباب السابع) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم بن حماد أيضا عن النبي (ص) في ذكر أربع فتن وتعظيم الفتنة الرابعة، قال حدثنا الحكم بن نافع عن جراح عن أرطأة بن المنذر قال: بلغنا أن رسول الله (ص) قال يكون في أمتي أربع فتن: فالاولى يصيبهم فيها بلاء حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف؛ والثانية حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي؛ والثالثة كلما قيل انقطعت تمادت الفتنة؛ والرابعة تصيبهم إذا كانت الأمة مع هذه مرة ومع هذا مرة بلا إمام ولا جامع.
< (الباب الثامن) >فيما ذكره نعيم بن حماد من كتاب الفتن وذكر الاربعة فتن؛ وحديث المهدي ولم يسمه رواه عن علي (ع) ؛ قال حدثنا ابن وهيب عن أبي لهيعة عن الحرث بن يزيد قال: سمعت ابن رزين الغافقي يقول سمعت عليا (ع) يقول الفتن أربع، فتنة السراء كذا وذكر معدن الذهب حتى يخرج رجل من عترة النبي (ص) يصلح الله على يديه أمرهم.
< (الباب التاسع) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم بن حماد عن النبي (ص) في ذكر الفتن إلى أن يخرج رجل من عترته، قال حدثنا
صفحة ٢٢
الوليد بن مسلم عن اسماعيل ابن رافع عمن حدثه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم ستكون بعدي فتن منها فتنة الاجلاء يكون فيها حروب وهرب ثم فتن بعدهن أشد منها ثم تكون فتنة كلما قيل انقطعت تمادت حتى لا يبقى بيت إلا دخلته ولا مسلم إلا صكته يخرج رجل من عترتي.
< (الباب العاشر) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم أن في الفتنة الثالثة لا يكاد يرى عاقلا، قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن ليث بن أبي سليم قال حدثني الثقة عن وهب عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله (ص) تكون فتنة يعرج فيها عقول الرجال حتى لا يكاد يرى رجلا عاقلا؛ وذكر ذلك في الفتنة الثالثة.
< (الباب الحادي عشر) >فيما نذكره من كتاب الفتن أيضا لنعيم في هرج بين الناس؛ قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن يونس عن...
قال ذكر رسول الله (ص) هرجا بين الناس يقتل الرجل جاره وأخاه وابن عمه، قالوا ومعهم عقولهم؟قال ينزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان ويخلف لهم هباء من الناس يحسب أحدهم أنه على شيء.
< (الباب الثاني عشر) >فيما نذكره من كتاب الفتن لنعيم أن الفتنة الخامسة يكون الناس فيها كالبهائم، وقد تقدم الحديث وهذا فيه زيادة وبطريق آخر قال حدثنا ابن ثور وعبد الرزاق عن معمر عن طارق عن منذر الثوري عن عاصم بن ضمرة عن علي «ع» قال في الفتنة الخامسة العمياء الصماء المطبقة تصير الناس فيها كالبهائم.
< (الباب الثالث عشر) >فيما يشير إليه من أنه يأتي فتن يمر الإنسان
صفحة ٢٣