الأستاذ :
وماذا تعني بهذا؟
شاترتون (يعانق راشل ثم يقول بصوت عذب رقيق) :
أتريد أن نخيف الطفلة ... وعلى مسمع من أذني أمها؟
الأستاذ :
وأين صوتك العذب الرقيق من ذلك الصوت الخشن الذي يصم أذني أمها؟! كلا ... لن تستطيع أن تستمع حديثنا ... ألا تسمع؟ ... هذا صوت زوجها يناديها.
شاترتون (وهو يرتكن على مسند المقعد الذي يجلس فوقه الأستاذ) :
أنت تؤنبني كثيرا وتلومني ... ولكن نبئني فقط لماذا لا يتابع الإنسان نفسه إلى أبعد حدودها ما دام سيموت آخر الأمر ... إني قد أجمعت الرأي على ألا أخفي جزءا من نفسي حتى أموت ... وأن أبقى على حقيقتي حتى القبر ... وأن أستمع إلى صوت فؤادي إذا فاض ... وأن أصدع بأمره إذا أمر ... وأن أسير على القانون الذي وضعته أنا لنفسي ... أخبرني ماذا يجدي الإنسان أن يتظاهر بالقسوة وهو في صميم فؤاده رفيق رحيم ... إنكم لتشهدون مني ابتسامة الوداعة تبدو من خلال عبوستي الكاذبة؛ لأنني لا أستطيع أن أجد حجابا يخفي هذه الابتسامة ... إن الناس يفرون مني في كل مكان ويطرحونني جانبا ... ولكني لا أثور للدفاع عن نفسي ... وما أشد حزني إذ أرى كثيرين منهم يجدون الفرح والبهجة في انتصارهم علي بحيلهم السافلة ... وأمازيحهم القاسية ... إني لأشهدهم وهم يصنعون لي الحبائل والأشراك، فلا يخطر لي أن أهم بقطع حبالة واحدة منها ... لأني قد أصبحت لا أحفل بحياتي ... ولكني مع هذا أثأر لنفسي من هذا الاحتقار الذي أراه منهم ... لأنه يرفعني في نظري ... ويلوح لي أن العناية الإلهية لا تريد أن أهزم في الحياة كل الهزيمة ... وإلا أفليس لها مقصد من خلقي؟ ... أليس لي الحق في معارضتها ومقاومتها حتى تصلح الكون؟ ... هل لي أن أنكر الله؟
الأستاذ :
إن التفكير الدائم سيقتل فيك حب العمل.
صفحة غير معروفة