كان له في القعود عن الطلب عذرٌ من قصور نفقةٍ، أو بعد مسافة، أو صعوبة مسلك.
فأما أصحاب الحديث فما زالوا يتجشمون المصاعب، ويركبون الأهوال، ويفارقون الأوطان، وينأون عن الأحباب، آخذين بالذي حث عليه رسول الله ﷺ في الذي حدثناه سليمان بن يزيد، عن محمد بن ماجه، ثنا هشام بن عمار، ثنا حفص بن سليمان، ثنا كثير بن شنظير، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم» . *
واعلم أن جماعةً من الناس سلكوا فيما تقدم ذكرنا له مسلكًا، لعل غيره أسهل منه وأقرب وأبعد عن التعمق والتنطع، فقالوا: إن حدث المحدث جاز أن يقال: حدثنا، وإن قرئ عليه لم يجز أن يقال: حدثنا ولا أخبرنا، وإن حدث جماعة لم يجز للمحدث عنه أن يقول: حدثني، وإن حدث بلفظه لم يجز أن يتعدى ذلك اللفظ وإن كان قد أصاب المعنى.
قال أحمد بن فارس: وهذا عندنا تشديدٌ لا وجه له، لأن من العلماء من كان يتبع اللفظ فيؤديه، ومنهم من كان يحدث بالمعنى وإن تغير اللفظ، وبلغنا أن الحسن كان يحدث على المعاني، مع أن التثبت والتقصي غير مذموم.
فقد حدثني محمد بن عبد الله الدوري -بمدينة السلام- ثنا علي بن الحسين بن الهيثم، ثنا الحسين بن علي المرداسي، ثنا حماد بن إسحاق بن
1 / 41