أصل سماواته وأرضه وَمَنَافع نهايات صِفَات ألسنتهم وغايات عقائد مُحكم معرفتهم لَو جعلت فِي عبد وَاحِد من عبيده ثمَّ مثل عَطاء ذَلِك العَبْد فِي سَائِر خلقه ثمَّ أضعفوا وأضعف لَهُم الْعَطِيَّة وَقسم ذَلِك بَينهم بِالسَّوِيَّةِ ثمَّ أَدِيم ذَلِك لَهُم عَطاء وعددا كأسرع مَا أَدْرَكته الصّفة فِي دَائِم أَبَد الْأَبَد على بَقَاء الْخلد الَّذِي لَيْسَ لَهُ أمد ثمَّ أوقفوا ليبلغوا بذلك مَا يجب لَهُ لعجزوا عَن الْقيام بذلك ولرجعوا إِلَيْهِ بالصغر مقرين وبالعجز معترفين
فسبحان من هَذِه صفته على قدر إِدْرَاك مَا بلغت الْعُقُول وأومت إِلَيْهِ الْمعرفَة فَكيف بِمَا غَابَ عَن الْخلق من الْعلم بصفاته سُبْحَانَهُ
وَإِنَّمَا بلغت لَهُم عَظمته وَأدْركت أَيدي الظفر مِنْهُم بهيبته على قدر الْخلق وَمَا تحْتَمل من ذَلِك عُقُولهمْ وَتقوم لَهُ أَرْوَاحهم وتنهض بِهِ أبدانهم
وَلَو كشف سُبْحَانَهُ عَن بعض مَا ستره عَنْهُم لساخت بذلك أرضه ولتمزقت سماواته ولتلف سَائِر خلقه فسبحان الْحَكِيم الْخَبِير الَّذِي لطف بخلقه بِمَا ستر عَنْهُم من أمره ورحمهم بِمَا غيب عَنْهُم من قدرته ليتم أمره فِي خلقه وتنفذ مَشِيئَته عَلَيْهِم ويمضي قديم علمه فيهم
فَكَانَ مِمَّا دبرهم بِهِ الْحَكِيم سُبْحَانَهُ أَن جعلهم أجسادا لَا تقوم إِلَّا بالأغذية وَلَا يَدُوم بَقَاؤُهَا إِلَّا بالأطعمة فَضرب الْآجَال وَقسم الأرزاق وَختم أَمر الدُّنْيَا بالفناء
فَقَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ ﴿نَحن قسمنا بَينهم معيشتهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ورفعنا بَعضهم فَوق بعض دَرَجَات﴾
1 / 16