المكاسب والورع والشبهة وبيان مباحها ومحظورها واختلاف الناس في طلبها والرد على الغالطين فيه

الحارث بن أسد المحاسبي، أبو عبد الله (المتوفى: 243هـ) ت. 243 هجري
18

المكاسب والورع والشبهة وبيان مباحها ومحظورها واختلاف الناس في طلبها والرد على الغالطين فيه

محقق

نور سعيد

الناشر

دار الفكر اللبناني

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٩٢

مكان النشر

بيروت

وَإِلَى كل حاد يحدوهم إِلَى الزِّيَادَة ساكنين وعَلى الْعَمَل المقرب لَهُم إِلَى الله عاكفين قد جمعت لَهُم الطَّاعَة مرادتهم فِيهَا على قدر الإقبال عَلَيْهَا وأوضحت لَهُم سبل الرشاد فِيهَا فَلم يُرِيدُوا بِمَا أدْركْت أَيدي الظفر مِنْهُم بَدَلا وَلم يبغوا عَن شَيْء من ذَلِك حولا وَأَصْبحُوا فِي ذَلِك تَوْفِيقًا من سيدهم ومعونة قَائِمَة بالكفاية لَهُم وخفي لطف غير مقطع عَنْهُم فدام لَهُم الْحَال وزكت الْأَعْمَال ووجدوا الظفر بالآمال وَلم يَجدوا عِنْد ذَلِك هوى غَالِبا وَلَا عدوا مطالبا وَلَا أملا فِي النُّفُوس كَاذِبًا أمات الْعلم بِاللَّه لَهُم أهواءهم وَغلب لَهُم أعداءهم وَجمع لَهُم شملهم وأحكمهم لَهُم أَمرهم وَكَانَ التَّوْفِيق لَهُم صباحا وخفي اللطف من الله دَائِما والتأييد لَهُم من سيدهم مرشدا فَكَانَت هَذِه صفاتهم وَهِي فِي التعالي فِي ذَلِك على قدر أقدارهم وَمَا أداهم فضل الْعلم بِاللَّه تَعَالَى إِلَى سَبِيل الْعَمَل لَهُ بالاشتغال بدوام الْأَعْمَال على قدر الرّفْعَة فِي الْحَال وَكَانَت هَذِه الحركات هِيَ الْغَالِبَة عَلَيْهِم دون غَيرهَا من الْحَرَكَة وَكَانَ الْغَالِب على قُلُوبهم محبتهم للموافقة وتحريهم للموصل إِلَى الله سُبْحَانَهُ من الْأَعْمَال دون ذكر مَا كفاهم وَضمن لَهُم من الأرزاق وَغَيرهَا فَلم يَكُونُوا للأوقات مضيعين وَلَا باستجلاب مَا كفوا متشاغلين وَلَا لما أحب الْخلق من الاستثكار محبين إِلَّا أَن يكون لسيدهم فِي ذَلِك أَمر جعل لَهُم الْفضل فِيهِ وندبهم إِلَى الْقيام بِهِ مثل قَول النَّبِي ﷺ (كفى بِالْمَرْءِ شرا أَن يضيع من

1 / 32