سُبْحَانَهُ فِي الْحَرَكَة وتحري الْمُوَافقَة لله سُبْحَانَهُ بِمَا فِيهَا وَالْوُقُوف عِنْد تجَاوز الْحُدُود حَتَّى يكون مَوْصُوفا فِي ذَلِك بإحكام الْوَرع وَشدَّة الحذر وَإِقَامَة التَّقْوَى فَإِذا قَامَ بذلك على شَرَائِطه كَانَت هَذِه أول الحركات المحمودة الَّتِي أَبَاحَهَا الله ﷿ لَهُ
وَمن الحركات المحمودة مِمَّا هِيَ أرفع فِي الدرجَة وَأَعْلَى فِي الرُّتْبَة مَا وصف الله سُبْحَانَهُ بِهِ أَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ ووصفهم من المقامات فِيهِ وَجلة التَّابِعين من بعدهمْ وخواص الْمُؤمنِينَ فِي سَائِر الْأَزْمِنَة والدهور الَّذين بانوا بِفضل الْخُصُوص فِي التَّوَكُّل وَفِي سَائِر الْمنَازل على عوام الْخلق فَكَانَ فَضلهمْ بذلك على غَيرهم مَعْرُوفا ومقامهم عِنْد الله رفيعا وَهُوَ حَقِيقَة التَّوَكُّل ومحكمه والتعالي فِي ذرْوَة مَا أقيم فِيهِ الْأَنْبِيَاء وَالصِّدِّيقُونَ وخواص الْمُؤمنِينَ
وَبعد إحكامهم لفرض التَّوَكُّل فِي أَصله بانوا بِفضل الْمعرفَة على غَيرهم وَالزِّيَادَة فِي الْعَمَل بهَا لله جلّ ثَنَاؤُهُ من طَهَارَة الْقُلُوب وإدامة الذّكر وَكَثْرَة التَّقَرُّب إِلَى الله سُبْحَانَهُ بالنوافل وبذل الطَّاقَة والجهد نصيحة لأَنْفُسِهِمْ وطلبا للحظوة عِنْد سيدهم
فَكَانَت هَذِه الْأَخْلَاق الْغَالِبَة عَلَيْهِم مَانِعَة من الْحَرَكَة الَّتِي أبيحت لَهُم وَقد حظرت عَنْهُم لقلَّة مَا فِيهَا من الذّكر للسَّيِّد الْكَرِيم وإيثارا مِنْهُم لما يقرب إِلَيْهِ من ذَلِك لما بَان لَهُم من فضل الْعَمَل لله جلّ وَعز بِطَاعَتِهِ وإيثارا مِنْهُم لما ندب إِلَيْهِ من ترك الشَّهَوَات والتجافي عَن دَار الْآفَات
فَكَانُوا بذلك عَن حركات الطَّبْع متجافين متشاغلين وَبِكُل دَاع يَدعُوهُم إِلَى غَيره مستثقلين وَعَن كل فَتْرَة تميل بهم إِلَى الرَّاحَة نافرين
1 / 31