وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان عجولا﴾
فَأخْبر سُبْحَانَهُ وَجل ثَنَاؤُهُ بِمَا فِي طبع الْإِنْسَان وَالْخَلَائِق من ذَلِك وَأَن هَذِه الصِّفَات قَائِمَة فِي البشرية فالمؤمنون فِي جُمْلَتهمْ موصوفون بالتوكل على الله تَعَالَى بِمَا اعتقدوا مِمَّا وَصفنَا وَإِن كَانَت هَذِه الحركات من الطَّبْع مَعَهم
وَالدَّلِيل على مَا قُلْنَا أَن الْمُؤمنِينَ فِي جُمْلَتهمْ يسلم لَهُم عقد الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى والتوكل عَلَيْهِ كَمَا وَصفنَا من اعتقادات الْقُلُوب وَإِقْرَار الْأَلْسِنَة بِأَن الله تَعَالَى قَالَ ﴿وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق مثل مَا أَنكُمْ تنطقون﴾
فأقسم جلّ ثَنَاؤُهُ بِنَفسِهِ أَنه قسم الأرزاق بَين الْخلق وأمضى الضَّمَان بالكفاية لَهُم فَكَانَ على الْخلق تَصْدِيقه فِيمَا أخبر وَأقسم
فَمن صدق فِي ذَلِك كَانَ بتصديقه وإيمانه مُؤمنا متوكلا
وَمن كذب أَو شكّ كَانَ بذلك معاندا كَافِرًا بِمَا قصّ علينا جلّ ثَنَاؤُهُ فِي كِتَابه
وَإِن لم تزل حركات الطباع وَمَا فِي الخليقة من محبَّة الْكَثْرَة وتعجيل الْوَقْت والتسبب إِلَيْهِ بالأسباب فَلم يزل الله سُبْحَانَهُ عَنْهُم اسْم التَّوَكُّل إِذْ كَانَت الْعُقُود على مَا وَصفنَا ثَابِتَة فِي الْقُلُوب وَكَانَت الْمُوَافقَة لَهُم فِي حركات الطباع متبعة لِأَن مَا فِي الطباع من الْحَرَكَة لَا يخرجهم مِمَّا أَوجَبْنَا من التَّصْدِيق لَهُم لِأَن الله تَعَالَى لم يستعبدهم بإزالتها وَإِنَّمَا استعبدهم بِإِقَامَة الطَّاعَة وَأخذ الشَّيْء من حَيْثُ أَبَاحَ أَخذه
فَإِذا أَقَامُوا ذَلِك وَكَانُوا للموافقة لله ﷿ فِي الحركات
1 / 23