جميعًا وذلك يمتنع أن يخلق منه آدم، وأيضًا فهم لا يقولون إن آدم خلق من لاهوت المسيح.
وأيضًا فقول القائل إن آدم خلق من نور الله الذي هو المسيح إن أراد به نوره الذي هو صفة لله فذاك ليس هو المسيح الذي هو قائم بنفسه إذ يمتنع أن يكون القائم بنفسه صفة لغيره، وإن أراد بنوره ما هو نور منفصل عنه فمعلوم أن المسيح لم يكن شيئًا موجودًا منفصلًا قبل خلق آدم فامتنع على كل تقدير أن يكون آدم مخلوقًا من نور الله الذي هو المسيح، وأيضًا فإذا كان آدم كالمرآة وهو ينظر إلى ذاته المقدسة فيها لزم أن يكون الظاهر في آدم هو مثال ذاته لا أن آدم هو ذاته لا أن آدم هو ذاته ولا مثال ذاته ولا كذاته وحينئذ فإن كان المراد بذلك أن آدم يعرف الله تعالى فيرى مثال ذاته العلمي في آدم فالرب تعالى يعرف نفسه فكان المثال العلمي إذا أمكن رؤيته كانت رؤيته للعلم المطابق له القائم بذاته أولى من رؤيته للعلم القائم بآدم، وإن كان المراد أن آدم نفسه سأل الله فلا يكون آدم هو المرآة بل يكون هو كالمثال الذي في المرآة. وأيضًا فتخصيص المسيح بكونه ذلك النور هو قول النصارى الذين يخصونه بأنه الله، وهؤلاء الاتحادية ضموا إلى قول النصارى قولهم بعموم الاتحاد حيث جعلوا في غير المسيح من جنس ما تقوله النصارى في المسيح.
وأما قول ابن الفارض:
وشاهد إذا استجليت ذاتك من ترى ... بغير مراء في المرآة الصقيلة
أغيرك فيها لاح أم أنت ناظر ... إليك بها عند انعكاس الأشعة
فهذا تمثيل فاسد وذلك أن الناظر في المرآة مثال نفسه فيرى نفسه
1 / 86