قال: وأنا أعرق في هذا الأمر من أبي، وأكثر تردادا فيه من جدي، وأحق في هذا الفضل من المولى والعربي. ولنا بعد في أنفسنا ما لا ينكر من الصبر تحت ظلال السيوف القصار والرماح الطوال. ولنا معانقة الأبطال عند تحطم القنا وانقطاع الصفائح. ولنا المواجأة بالسكاكين، وتلقى الخناجر بالعيون، ونحن حماة المستلحم، وأبناء المضايق. ونحن أهل الثبات عند الجولة، والمعرفة عند الحيرة، وأصحاب المشهرات، وزينة العساكر وحلى الجيوش، ومن يمشى في الرمح، ويختال بين الصفين. ونحن أصحاب الفتك والإقدام، ولنا بعد التسلق، ونقب المدن، والتقحم على ظبات السيوف وأطراف الرماح، ورضخ الجندل، وهشم العمد، والصبر على الجراح وعلى جر السلاح إذا طار قلب الأعرابي، وساء ظن الخراساني. ثم الصبر تحت العقوبة، والاحتجاج عند المساءلة، واجتماع العقل، وصحة الطرف، وثبات القدمين، وقلة التكفي بحبل العقابين، والبعد من الإقرار، وقلة الخضوع للدهر والخضوع عند جفوة الزوار وجفاء الأقارب والإخوان.
ولنا القتال عند أبواب الخنادق، ورؤوس القناطر. ونحن الموت الأحمر عند أبواب النقب. ولنا المواجأة في الأزقة، والصبر على قتال السجون. فسل عن ذلك الخليدية، والكتفية، والبلالية، والخريبية. ونحن أصحاب المكابدات وأرباب البيات، وقتل الناس جهارا في الأسواق والطرقات.
صفحة ٢٧