المسألة الثانية: من قال لا إله إلا الله ولم يصل ولم يزك هل يكون مؤمنا
...
المسألة الثانية
وأما المسألة الثانية فقالوا: من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله ولم يصل ولم يزك هل يكون مؤمنًا؟
فنقول: أما من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله. وهو مقيم على شركه يدعو الموتى. ويستغيث بهم ويسألهم قضاء الحاجات. وتفريج الكربات. فهذا كافر مشرك حلال الدم والمال. وأن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى وصام وزعم أنه مسلم كما تقدم بيانه. وأما أن وحد الله تعالى ولم يشرك به. ولكنه ترك الصلاة ومنع الزكاة. فان كان جاحدا للوجوب فهو كافر إجماعا. وأما أن أقر بالوجوب ولكنه ترك الصلاة تكاسلًا. فهذا قد اختلف العلماء في كفره. والعلماء إذا أجمعوا فإجماعهم حجة. لا يجتمعوا على ضلالة. وإذا تنازعوا في شيء رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول. والواحد منهم ليس بمعصوم على الإطلاق. بل كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ قال العلماء: الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه. والرد إلى الرسول هو الرد إلى السنة بعد وفاته. وقال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ .
وقد ذم الله تعالى من أعرض عن كتابه ودعا عند التنازع إلى غيره. فقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ إذا عرف هذا فنقول:
اختلف العلماء ﵏ في تارك الصلاة كسلًا من غير جحود لوجوبها. فذهب الإمام أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه ومالك إلى أنه لا يحكم بكفره. واحتجوا بما رواه عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة. ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.." وذهب إمامنا أحمد بن حنبل والشافعي في أحد قوليه وإسحاق بن راهوية وعبد الله بن المبارك والنخعي وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وغيرهم من كبار الأئمة والتابعين إلى أنه كافر.
وحكاه إسحاق بن راهوية إجماعًا ذكره عنه الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي في شرح الأربعين. وذكره في كتاب (الزواجر عن اقتراف الكبائر) عن جمهور الصحابة ﵃.
وقال الإمام أبو محمد بن حزم: سائر الصحابة ﵃ ومن بعدهم من
1 / 21