408

رسائل الجاحظ

محقق

عبد السلام محمد هارون

الناشر

مكتبة الخانجي، القاهرة

سنة النشر

1384 ه - 1964 م

تصانيف

البلاغة

فصل منه

فأي شيء أبقيت للعدو المكاشف، وللموافق الملاطف، وللمعتمد المصر، وللقادر المدل؟

ومن عاقب على الصغير بعقوبة الكبير، وعلى الهفوة بعقوبة الإصرار، وعلى الخطأ بعقوبة العمد، وعلى معصية المتستر بعقوبة المعلن. ومن لم يفرق بين الأعالي والأسافل، وبين الأقاصي والأداني، عاقب على الزنى بعقوبة السرقة، وعلى القتل بعقوبة القذف. ومن خرج إلى ذاك في باب العقاب، خرج إلى مثله في باب الثواب.

ومن خرج من جميع الأوزان، وخالف جميع التعديل كان بغاية العقاب أحق، وبه أولى.

والدليل على شدة غيظك وغليان صدرك، قوة حركتك، وإبطاء فترتك، وبعد الغاية في احتيالك.

ومن البرهان على بيان الغضب وعلى عظم الذنب، تمكن الحقد ورسوخ الغيظ، وبعد الوثبة وشدة الصولة. وهذا البرهان صحيح ما صح النظم، وقام التعديل، واستوت الأسباب.

ولا أعلم نارا أبلغ في إحراق أهلها من نار الغيظ، ولا حركة أنقض لقوى الأبدان من طلب الطوائل، مع قلة الهدوء، والجهل بمنافع الجمام، وإعطاء الحالات أقسامها من التدبير.

صفحة ٨٤