فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الموتى، ومخالطة الزمنى، والاجتنان بالجدران، ومصر المصران، وأكل القردان، أهون من معاشرته، والاتصال بحبله.
والغل نتيج الحسد، وهو رضيعه، وغصن من أغصانه، وعون من أعوانه، وشعبة من شعبه، وفعل من أفعاله، كما أنه ليس فرع إلا له أصل، ولا مولود إلا له مولد، ولا نبات إلا من أرض، ولا رضيع إلا من مرضع، وإن تغير اسمه؛ فإنه صفة من صفاته، ونبت من نباته، ونعت من نعوته.
ورأيت الله جل جلاله ذكر الجنة في كتابه فحلاها بأحسن حلية، وزينها بأحسن زينة، وجعلها دار أوليائه ومحل أنبيائه، ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فذكر في كتابه ما من به عليهم من السرور والكرامة عندما دخلوها وبوأها لهم فقال: " إن المتقين في جنات وعيون. ادخلوها بسلام آمنين. ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين. لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ".
صفحة ٢١