ولقد أجلت الرأي ظهرا لبطن وفكرت في جوابه لابن عباس أن أجد معنى له سوى الحسد فلم أجده، وكانت وخزة في قلبه فلم يبدها. وفروع بني هاشم حول الحرم باسقة، وعروق دوحاتهم بين أطباقها راسية، ومجالسهم من أعاليها عامرة، وبحورها بأرزاق العباد زاخرة، وأنجمها بالهدى زاهرة. فلما خلت البطحاء من صناديدها استقبله بما أكنه في نفسه.
والحاسد لا يغفل عن فرصته إلى أن يأتي الموت على رمته، وما استقبل ابن عباس بذلك إلا لما رأى عمر قدمه على أهل القدم، ونظر إليه وقد أطاف به أهل الحرم، فأوسعهم حكما، وثقبوا منه رأيا وفهما، وأشبعهم علما وحلما.
صفحة ١٤