فلعمري لقد استفتح الآية في ذمهم بأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، فاعتبروا عباد الله وانتفعوا، واعلموا أن فريضة الله تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا أقيمت له استقامت الفرائض بأسرها، هينها وشديدها، وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو: الدعاء إلى الإسلام، والإخراج من الظلمة، ورد الظالم، وقسمة الفيء والغنائم على منازلها، وأخذ الصدقات ووضعها في مواضعها، وإقامة الحدود، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهد، والإحسان، واجتناب المحارم، كل هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله تعالى لكم: ?وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب? [المائدة:2]، فقد ثبت فرض الله تعالى، فاذكروا عهد الله الذي عاهدتموه وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم: ?سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور?[المائدة: 7].
عباد الله فإنما تصلح الأمور على أيدى العلماء، وتفسد بهم إذا باعوا أمر الله تعالى ونهيه بمعاونة الظالمين الجائرين، فكذلك الجهال والسفهاء إذا كانت الأمور في أيديهم، لم يستطيعوا إلا بالجهل والسفه إقامتها، فحينئذ تصرخ المواريث، وتضج الأحكام، ويفتضح المسلمون.
صفحة ٦٩