إنهم يزعمون أنهم يرجون لكل صاحب كبيرة - قد أوجب الله تبارك وتعالى بها النار -، الجنة. وقنطهم الشيطان من رحمة الله تبارك وتعالى، وآيسهم من روح الله، أنهم إن شهدوا بما سمى الله تعالى لأصحاب الموجبات أدخلهم الله تعالى النار. فإن غفر الله تبارك وتعالى لأصحاب الموجبات كما يقولون، فهؤلاء - الذين شهدوا بما شهد الله تبارك وتعالى - أحق أن يغفر لهم، إن الله تبارك وتعالى عدل لا يحيف في القضاء.
ويزعمون أنهم هم المهتدون والمصيبون في رأيهم. فسلهم عن رجل دعوه إلى رأيهم فاتبعهم فواخوه في دينهم، فقال لهم: يا أخوتاه إني أريد أن أغزوا في سبيل الله تعالى فشيعوني، فخرج غازيا في سبيل الله تبارك وتعالى وخرجوا معه، فساروا قليلا ثم نزل فقدم سفرة له فأكلوا منها، ثم أنه سلم عليهم وسلموا عليه، وودعهم ودعوا له بحسن الصحبة والكلاءة في السفر، فسار حتى إذا كان[ت ال]صلاة الأولى قام فأذن للصلاة، فإذا هو برجل قد أقبل إليه، فقال: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهد عليك أن شهادتك هذه كاذبة، وأنك كافر، وأن ذبيحتك علي حرام، وأن دمك لي حلال. ثم تقدم إليه فضرب عنقه، وأخذ ماله لنفسه، فبلغكم ذلك والقاتل والمقتول من أهل القبلة، وأهل الشعار، وقد قال تبارك وتعالى: ?إنما المؤمنون إخوة?[الحجرات: 10]، فأخبروني حين قتله وأخذ ماله أعدوه هو والمخاصم له يوم القيامة، أم هو أخوه في الجنة على سرر متقابلين؟!
صفحة ٥٢