--- بهذا الأمر، والتدفيف على الجريح هو فعل علي عليه السلام في مولى بني أمية وغيره، وآيات القرآن الكريم عمت بالقتل ولم تخص أسيرا ولا جريحا, ولولا ورود التخصيصات في بعض المواضع لكانت على العموم، ولنا أن نفعل ما فعله الإمام السابق, إلا ما خصه الدلالة, من إقامة الحدود، وصلاة الجمعة، وأخذ الزكاة كرها, لأجل عمومات القرءان، وتحريم التخصيصات إلا فيما ذكرنا، والظن ظننا لا ظن غيرنا، وإلا فما الفائدة في انتصابنا متى حكمنا عن غيرنا؟!
ولو قتلنا من جاز قتله في الظاهر, وإن كان بخلاف ذلك في الباطن، فالعوض فيه له على الله عز وجل، لأنا فعلناه بأمره, وقد عم الله تعالى في العتاب في الأمم الماضية الصغار مع الكبار, ولا ذنب، ولكنه تعالى تحمل بالعوض لهم, وفي شريعتنا أمر الله بأخذ الصغار, وتملكهم ولا ذنب لهم، وأمر بإقامة الحد على التائب ولا ذنب له، وهذه أمور شرعية يجب الإنقياد لها, وإن لم يظهر وجه الحكمة فيها, لكونها واردة من حكيم لا يتهم في حكمه, ولا يستخان في شيء من أمره، وقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله الفداء من عمه العباس، وإن كان خرج مكرها، وقال: (( ظاهرك مع القوم )). وأجرى أحكام المسلمين كلها على المنافقين الذين يعلم نفاقهم بإعلام الله تعالى له، ذلك لما أظهروا الإيمان, والأخذ بالظاهر رحمك الله هو الواجب في الإسلام والشريعة الشريفة حماها الله عز وجل.
ومن هاهنا يجب على من علم بظاهر أمرنا,وهو الدعاء إلى الله تعالى وإظهار القصد الصالح ,أن لا يجري علينا إلا أحكام الظاهر, ولا يتعسف بحكم الباطن، وتعرف ما لا يعلم، فإن ذلك هو طريق النجاة لمن طلبها.
فأما القتل على الذمة، فما قتلنا أحدا أبدا، ولا علمنا ذلك من أحد من جندنا، ولا من أحد من أخدامنا، ونحن نبرأ إلى الله تعالى وإلى عباده من أن نفعل ذلك, أو ندين به أو نضمره أو نأمر به، ولا يفعل ذلك إلا مارق عن الدين، مائل عن الشريعة الشريفة.
صفحة ٤٨